ومنهم من حَدَّ بالثلثين، وأما أبو حنيفة فحده بالربع، وحد مع هذا القدر من اليد الذي يكون به المسح، فقال: إن مسحه بأقل من ثلاثة أصابع لم يجزه.
وأما الشافعي فلم يحد في الماسح، ولا في الممسوح حدا.
وأصل هذا الاختلاف في الاشتراك الذي في الباء في كلام العرب، وذلك أنها مرة تكون زائدة مثل قوله تعالى {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ}[المؤمنون: ٢٠] على قراءة تنبت بضم التاء وكسر الباء من أنبت، ومرة تدل على التبعيض مثل قول القائل: أخذت بثوبه، وبعضده، ولا معنى لإنكار هذا في كلام العرب، أعني كون الباء مبعضة، وهو قول الكوفيين من النحويين، فمن رآها زائدة أوجب مسح الرأس كله، ومعنى الزائدة ها هنا كونها مؤكدة، ومن رآها مبعضة أوجب مسح بعضه، وقد احتج من رجح هذا المفهوم بحديث المغيرة "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ فمسح بناصيته وعمامته" أخرجه مسلم، وإن سلمنا أن الباء زائدة بقي ها هنا أيضا احتمال آخر، وهو هل الواجب الأخذ بأوائل الأسماء، وأواخرها. اهـ بداية المجتهد جـ ١/ ص ١٢.
وقال الشوكاني: والحديث -يعني حديث عبد الله بن زيد- يدل على مشروعية مسح جميع الرأس، وهو مستحب باتفاق العلماء، قاله النووي، وعلل ذلك بأنه طريق إلى استيعاب الرأس، ووصول الماء إلى جميع شعره، وقد ذهب إلى وجوبه أكثر العترة، ومالك، والمزني، والجبائي، وإحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل، وابن علية، وقال الشافعي: يجزئ مسح بعض الرأس، ولم يحده بحد.
قال ابن سيد الناس في شرح الترمذي: وهو قول الطبري، وقال أبو حنيفة: الواجب الربع، وقال الثوري، والأوزاعي، والليث: يجزئ