للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صِبْيَانِ الْأَنْصَارِ، فَصَلَّى عَلَيْهِ) هذا محلّ الترجمة، ففيه مشروعية الصلاة على الصبيان، وسيأتي بيان اختلاف أهل العلم فيه في المسألة الرابعة، إن شاء اللَّه تعالى (قَالَتْ: عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: طُوبَى لِهَذَا) قال ابن منظور -رَحِمَهُ اللَّهُ-: طُوبَى فُعلَى من الطِّيب، كأنّ أصله طُيْبَى، فقلبوا الياء واوًا للضمّة قبلها. وفي "التهذيب": والعرب تقول: طُوبَى لكَ، ولا تقول: طوباك، وهذا قول أكثر النحويين، إلا الأخفش، فإنه قال: من العرب مَن يُضيفها، فيقول: طوباك. وقال أبو بكر: طوباك إن فعلتَ كذا، قال: هذا مما يَلْحَن فيه العوامّ، والصواب طوبى لك إن فعلتَ كذا وكذا.

وطوبَى شجرة في الجنّة، وفي التنزيل العزيز: {طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ} [الرعد: ٦٩]، وذهب سيبويه بالآية مذهب الدعاء، قال: هو في موضع رفع، يدلّك على رفعه رفعُ {وَحُسْنَ مَآبٍ}. قال ثعلب: وقرئ: {طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ} -أي بالنصب- فجَعَل طوبى مصدرًا، كقولك: سَقْيًا له، ونظيرُهُ من المصادر الرُّجعَى، واستَدَلَّ على أن موضعه نَصْبٌ بقوله: {وَحُسْنَ مَآبٍ}.

قال الزجّاج: جاء في التفسيرِ عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، أن طُوبَى شجرة في الجنّة. وقيل: طوبى لهم حُسنَى لهم. وقيل: خيرٌ لهم. وقيل: خِيرَةٌ لهم. وقيل: طوبى اسم الجنّة بالهندية. وفي "الصحاح": طوبى اسم شجرة في الجنّة. قال أبو إسحاق: طُوبى فُعلَى من الطِّيبِ، والمعنى أن العيش الطيّب لهم، وكلّ ما قيل من التفسير يُسدِّد قول النحويين: إنها فُعلَى من الطيب. ورُوي عن سعيد بن جبير أنه قال: طوبى اسم الجنّة بالحبشيّة. وقال عكرمة: طوبى لهم: معناه الحسنى لهم. وقال قتادة: طوبى كلمة عربيّة، تقول العرب: طوبى لك إت فعلت كذا وكذا؛ وأنشد [من الطويل] (١):

طُوبَى لِمَنْ يَسْتَبْدِلُ الطَّوْدَ بِالْقُرَى … وَرِسْلاً بِيَقْطِينِ الْعِرَاقِ وَفُومِهَا

"الرَّسْلُ": اللبن، و"الطَّوْدُ": الجبلُ، و"اليَقْطِينُ": القَرْعُ، وقال أبو عبيدة: كلّ ورقة اتّسعت، وسترت فهي يَقْطِين. و"الْفُومُ": الخبز، والحنطة، ويقال: هو الثُّوم. وفي الحديث: "بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود كما بدأ غريبًا، فطوبى للغرباء" (٢). طوبى اسم الجنّة، وقيل: شجرة فيها، وأصلها فُعْلَى من الطيب، فلما ضُمَّت الطاء، انقلبت الياء واوا. وفي الحديث: "طوبى للشام، لأن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليها" (٣). والمراد بها ههنا فُعلَى من الطِّيب، لا الجنّة، ولا الشجرة انتهى كلام ابن منظور ببعض اختصار (٤).

(عُصْفُورٌ، مِنْ عَصَافِيرِ الْجَنَّةِ) بضم العين طائر ذَكَر، والأنثى بالهاء، أي هو مثل


(١) دخله الخزم في أوله، فصار "عولن" فتنبّه.
(٢) - أخرجه مسلم في "صحيحه" "كتاب الإيمان" رقم الحديث ١٤٥.
(٣) - حديث صحيح، أخرجه أحمد، والترمذي، والحاكم، من حديث زيد بن ثابت - رضي اللَّه عنه -.
(٤) - "لسان العرب" في مادة طيب.