للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إله إلا اللَّه، وأن محمدا عبده ورسوله، أو صلّت، فقد أجابت ما يعرفون أنها دخلت في الإسلام، حكى ذلك المزنيّ عنه.

وقال أبو ثور: إذا سُبي الصبيّ مع أبويه، أو أحدهما، أو وحده، ثم مات قبل أن يختار الإسلام لم يصلّ عليه، وكان الشعبيّ يقول فيمن جَلَب الرقيق، فيموت بعضهم إن صلى فصلّ عليه، وإن لم يُصلّ فلا تصلّ عليه، وقال الحسن: إذا قال لا إله إلا اللَّه صلي عليه انتهى كلام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: القول الأول هو الراجح عندي، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

المسألة الخامسة: في اختلاف أهل العلم في أولاد المشركين، هل هم من أهل الجنّة، أم لا؟:

اعلم: أن الخلاف مخصوص بأطفال المشركين، فأما أولاد المؤمنين، فلا خلاف بين العلماء، كما حكاه القاضي أبو يعلى الفرّاء الحنبلي، عن الإمام أحمد، أنه قال: لا يختلف فيهم أنهم من أهل الجنة، وهذا هو المشهور بين الناس، وأما ما نقل عن بعضهم أنهم توقّفوا بأن الولدان كلهم تحت المشيئة، فغريب جدًّا، كما نبّه عليه الحافظ ابن كثير في تفسيره، فتنبّه (٢).

إذا عرفت هذا فاعلم أنه اختلف العلماء قديمًا وحديثًا في هذه المسألة على أقوال:

أحدها: أنهم في مشيئة اللَّه تعالى، وهو منقول عن الحمّادين، وابن المبارك، وإسحاق، ونقله البيهقيّ في "الاعتقاد" عن الشافعيّ في حقّ أولاد الكفّار خاصّة، قال ابن عبد البرّ: وهو مقتضى صنيع مالك، وليس عنده في هذه المسألة شيء منصوص، إلا أن أصحابه صرّحوا بأن أطفال المسلمين في الجنّة، وأطفال الكفّار خاصّة في المشيئة.

والحجة فيه حديث: "اللَّه أعلم بما كانوا عاملين".

ثانيهما: أنهم تبع لآبائهم، فاولاد المسلمين في الجنّة، وأولاد الكفّار في النار، وحكاه ابن حزم عن الأزارقة من الخوارج، واحتجّوا بقوله تعالى: {وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} [نوح: ٢٦]، وتعقّبه بأن المراد قوم نوح خاصّة، وإنما دعا بذلك لما أوحى اللَّه إليه: {أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ} [هود: ٣٦]، وأما حديث: "هم من آبائهم"، أو "منهم"، فذاك في حكم الحربيّ.

وروى أحمد من حديث عائشة - رضي اللَّه عنها -: سألت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - عن ولدان المسلمين؟


(١) - "الأوسط" ج ٥ ص ٤٠٩ - ٤١٠.
(٢) - راجع تفسير "سورة الإسراء" للحافظ ابن كثير ج ٣ ص ٣٥.