قال:"في الجنّة"، وعن أولاد المشركين؟ قال:"في النار"، فقلت: يا رسول اللَّه، لم يُدركوا الأعمال، قال:"ربكِ أعلم بما كانوا عاملين، لو شئت أسمعتك تضاغيهم (١) في النار". وهو حديث ضعيف جدًّا، لأن في إسناده أبا عَقيل، مولى بُهَيّة، وهو متروك.
ثالثها: أنهم يكونون في برزخ بين الجنّة والنار، لأنهم لم يعملوا حسنات يدخلون بها الجنّة، ولا سيآت يدخلون بها النار. قال ابن القيّم -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وهذا ليس بشيء، فإنه لا دار للقرار إلا الجنّة والنار، وأما الأعراف، فإن مآل أصحابها إلى الجنّة، كما قاله الصحابة.
رابعها: خَدَم أهل الجنّة، وفيه حديث عن أنس - رضي اللَّه عنه - ضعيف، أخرجه أبو داود الطيالسيّ، وأبو يعلى، وللطبرانيّ، والبزّار من حديث سمرة - رضي اللَّه عنه -، مرفوعًا:"أولاد المشركين خدم أهل الجنّة"، وإسناده ضعيف.
خامسها: أنهم يصيرون ترابًا، روي عن ثمامة بن أشرس.
سادسها: أنهم في النار، حكاه عياض عن أحمد، وغلّطه ابن تيميّة بأنه قول لبعض أصحابه، ولا يُحفظ عن الإمام أصلاً.
سابعها: أنهم يُمتحنون في الآخرة بأن تُرفع لهم نار، فمن دخلها كانت عليه بردا وسلامًا، ومن أبَى عُذّب، أخرجه البزّار من حديث أنس، وأبي سعيد، وأخرجه الطبرانيّ من حديث معاذ بن جبل. وقد صحّت مسالة الامتحان في حقّ المجنون، ومن مات في الفترة من طرق صحيحة، وحكى البيهقيّ في "كتاب الاعتقاد" أنه المذهب الصحيح، ومال إليه ابن القيّم، قال: وهذا أعدل الأقوال، وبه يجتمع شمل الأدلة، وتتّفق الأحاديث في هذا الباب.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: لو صحت أحاديث امتحان الأطفال لكان هذا المذهب أعدل الأقوال، وأرجحها كما قال ابن القيّم، لكنها غير ثابتة، فقد أخرجها أبو يعلى الموصليّ من حديث أنس، وفي سنده ليث بن أبي سليم، وهو متروك، وأخرجها الذهليّ، والبزّار من حديث أبي سعيد الخدريّ، وفي سندها عطية العوفي، ضعيف جدًّا، وروي من حديث معاذ بن جبل - رضي اللَّه عنه -، وفي سنده عمرو بن واقد الدمشقيّ، متروك.
والحاصل أن أحاديث امتحان الأطفال غير صحيحة، وإنما يصحّ حديث امتحان الأصمّ، والأحمق، والهَرِم، وأهل الفترة، فقد أخرجه الإمام أحمد من حديث الأسود ابن سَرِيع - رضي اللَّه عنه -، فقال في "مسنده":
حدثنا علي بن عبد اللَّه، حدثنا معاذ بن هشام، قال: حدثني أبي، عن قتادة، عن الأحنف بن قيس، عن الأسود بن سَرِيع، أن نبي اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - قال: "أربعة يحتجّون يوم