قال النووي رحمه الله: اختلف الناس على مذاهب، فذهب جميع الفقهاء من أهل الفتوى في الأعصار والأمصار إلى أن الواجب غسل القدمين مع الكعبين، ولا يجزئ مسحهما، ولا يجب المسح مع الغسل، ولم يثبت عن أحد من الصحابة، خلاف ذلك إلا عن علي وابن عباس وأنس، وقد ثبت عنهم الرجوع عن ذلك.
قال عبد الرحمن بن أبي ليلى: أجمع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على غسل القدمين، رواه سعيد بن منصور، وادعى الطحاوى، وابن حزم أن المسح منسوخ، وقالت الإمامية: الواجب مسحهما.
وقال محمَّد بن جرير الطبري، والجبائي، والحسن البصري: إنه مخير بين الغسل والمسح.
وقال بعض أهل الظاهر: يجب الجمع بين الغسل والمسح، واحتج من لم يوجب غسل الرجلين بقراءة الجر في قوله {وَأَرْجُلَكُمْ} وهو عطف على قوله {بِرُءُوسِكُمْ} قالوا: وهي قراءة صحيحة سبعية مستفيضة، والقول بالعطف على غسل الوجوه، وإنما قرئ بالجر للجوار، وقد حكم بجوازه جماعة من أئمة الإعراب، كسيبويه، والأخفش، لا شك أنه قليل نادر مخالف للظاهر، لا يجوز حمل المتنازع فيه عليه.
قلنا: أوجب الحمل عليه مداومته - صلى الله عليه وسلم - على غسل الرجلين، وعدم ثبوت المسح عنه من وجه صحيح، وتَوَعُّده على المسح بقوله "ويل للأعقاب من النار" ولأمره بالغسل كما ثبت في حديث جابر عند الدارقطني بلفظ "أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا توضأنا للصلاة أن نغسل أرجلنا" ولثبوت ذلك من قوله - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث عمرو بن عبسة وأبي
هريرة "ثم يغسل قدميه إلى الكعبين إلا خرت خطايا رجليه من أنامله مع