قالوا: قال العلامة ابن القيم: إنه لم يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث واحد أنه اقتصر على مسح بعض رأسه البتة، ولكن كان إذا مسح بناصيته أكمل على العمامة قال: وأما حديث أنس فمقصود أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينقض عمامته حتى يستوعب مس الشعر كله، ولم ينف التكميل على العمامة، وقد أثبته حديث المغيرة، فسكوت أنس عنه لا يدل على نفيه، وأيضا قال الحافظ: إن حديث أنس في إسناده نظر، وأجيب بأن النزاع في الوجوب وأحاديث التعميم وإن كانت أصح، وفيها زيادة، وهي مقبولة، لكن أين دليل الوجوب، وليس إلا مجرد أفعال، ورد بأنها وقعت بيانا للمجمل، فأفادت الوجوب، وذكر الشوكاني كلاما فيه مناقشة مع من أوجب التعميم، ولكن تركته لعدم جدواه.
قال الجامع عفا الله عنه:
الإنصاف أن الآية من قبيل المجمل، كما حققه الزمخشري، وابن الحاجب في مختصره، والزركشي كما عزاه إليهم الشوكاني، والله تعالى يقول:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}[النساء: ٥٩] وما ينقطع هذا النزاع إلا بالرد إلى بيان الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
وهو لم يمسح إلا على جميع رأسه، إما مباشرة، أو على ما عليه من العمامة، ففعله بيان للآية، قال تعالى {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل: ٤٤].
فظهر بهذا أن الحق مع من أوجب التعميم، والله أعلم.
وسنذكر الآية الواردة في المسح في بابه إن شاء الله تعالى.
المسألة التاسعة: في قوله "ثم غسل قدمه اليمنى ثلاثا" الخ.