ومنها: حديث عقبة بن عامر - رضي اللَّه عنه - الآتي للمصنّف بعد هذا.
ومنها: حديث ابن عباس - رضي اللَّه عنهما - عند ابن إسحاق، قال:"أمر رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - بحمزة، فسُجِّي ببردة، ثم صلى عليه، وكبّر سبع تكبيرات، ثم أُتي بالقتلى، فيوضعون إلى حمزة، فيصلي عليهم وعليه معهم، حتى صلى عليه ثنتين وسبعين صلاةً". وفي إسناده رجل مبهم، لأن ابن إسحاق قال: حدثني من لا أتّهم، عن مقسم، مولى ابن عباس، عن ابن عباس.
قال السهيليّ: إن كان الذي أبهمه ابن إسحاق هو الحسنَ بنَ عُمَارة، فهو ضعيف، وإلا فهو مجهول، لا حجة فيه.
قال الحافظ: الحامل للسهيليّ على ذلك ما وقع في مقدّمة مسلم، عن شعبة أن الحسن بن عمارة حدّثه، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس:"أن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - صلى على قتلى أحد"، فسألت الحكم؟ فقال: لم يصلّ عليهم انتهى.
لكن حديث ابن عباس رُوي من طرق أخرى:
منها: ما أخرجه الحاكم، وابن ماجه، والطبرانيّ، والبيهقيّ، من طريق يزيد بن أبي زياد، عن مقسم، عن ابن عباس مثله، وأتمّ منه. ويزيد فيه ضعيف يسير.
وفي الباب أيضًا عن أبي مالك الغفاريّ عند أبي داود في "المراسيل" من طريقه، وهو تابعيّ، اسمه غزوان، ولفظه:"أن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - صلى على قتلى أحد، عشرةً، عشرةً، في كلّ عشرة حمزة، حتى صلى عليه سبعين صلاة". قال الحافظ: ورجاله ثقات. وقد أعلّه الشافعيّ بأنه متدافع، لأن الشهداء كانوا سبعين، فإذا أُتي بهم عشرةً، عشرةً يكون قد صلى سبع صلوات، فكيف تكون سبعين؟ قال: وإن أراد التكبير، فيكون ثمانية وعشرين تكبيرة. وأجيب بان المراد صلى على سبعين نفسًا، وحمزة معهم كلهم، فكأنه صلى عليه سبعين صلاة.
قال الجامع: في هذا التأويل نظر. واللَّه تعالى أعلم.
وعن ابن مسعود عند أحمد بلفظ:"فوضع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - حمزة، فصلى عليه، وجيء برجل من الأنصار، فوضع إلى جنبه، فصلى عليه، فرُفع الأنصاريّ، وتُرك حمزة، ثم جيء بآخر، فوضعه إلى جنب حمزة، فصلى عليه، ثم رُفع، وتُرك حمزة حتى صلى عليه يومئذ سبعين صلاة".
قال الجامع: فيه عطاء بن السائب، مختل، والراوي عنه حماد بن سلمة، وهو ممن سمع منه قبل الاختلاط، وبعده (١)، فلا يعتمد على روايته. واللَّه تعالى أعلم.
(١) - انظر ما كتبه في "تت" في ترجمة عطاء بن السائب.