للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صلى على حمزة، وهو قول الثوريّ، وأهل الكوفة، وبه يقول إسحاق انتهى كلام الترمذيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- (١).

وقال الحافظ وليّ الدين العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: وقد اختلف العلماء في هذه المسألة، فذهب مالك، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق، والجمهور إلى أنه لا يصلى عليهم. وذهب أبو حنيفة إلى الصلاة عليهم كغيرهم، وبه قال المزنيّ، وهو رواية عن أحمد، اختارها الخلّال، وحكاه ابن بطّال عن الثوريّ، والأوزاعيّ، وعكرمة، ومكحول انتهى (٢).

وقد وردت أحاديث تدلّ لما ذهب إليه الفريقان، ولنذكرها، مع بيان ما لها، وما عليها:

فمنها: حديث جابر بن عبد اللَّه - رضي اللَّه عنهما -، قال: كان النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، يجمع بين الرجلين، من قتلى أحد، في ثوب واحد، ثم يقول: "أيهم أكثر أخذًا للقرآن"، فإذا أشير له إلى أحدهما، قدّمه في اللحد، وقال: "أنا شهيد على هؤلاء، يوم القيامة"، وأمر بدفنهم في دمائهم، ولم يغسلوا، ولم يصل عليهم. متفق عليه.

ومنها: حديث أنس - رضي اللَّه عنه - إن شهداء أحد لم يغسّلوا، ودفنوا بدمائهم، ولم يصلّ عليهم. رواه أحمد، وأبو داود، والترمذيّ، وقال: إنه غريب، لا نعرفه من حديث أنس إلا من هذا الوجه، وأخرجه أبو داود في "المراسيل"، والحاكم من حديثه، قال: "مرّ النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - على حمزة، وقد مُثل به، ولم يصلّ على أحد من الشهداء غيره". وأعلّه البخاريّ، والترمذيّ، والدارقطنيّ بأنه غَلِطَ فيه أسامةُ بن زيد -يعني الليثيّ- فرواه عن الزهريّ، عن أنس، ورجّحوا رواية الليث، عن الزهريّ، عن عبدالرحمن بن كعب بن مالك، عن جابر - رضي اللَّه عنه -.

ومنها: ما أخرجه الحاكم من حديث جابر - رضي اللَّه عنه -، قال: فَقَدَ رسولُ اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - حمزة حين جاء الناس من القتال، فقال رجل: رأيته عند تلك الشجيرات، فلما رآه، ورأى ما مُثل به شَهِق، وبكى، فقام رجل من الأنصار، فرمى عليه بثوب، ثم جيء بحمزة، فصلى عليه … "

الحديث. وفي إسناده أبو حماد الحنفيّ، وهو متروك.

ومنها: حديث شدّاد بن الهاد - رضي اللَّه عنه - المذكور في الباب. لكن حمله البيهقيّ على أنه لم يمت في المعركة. وفيه نظر، إذ ظاهر الحديث على خلافه.


(١) - راجع "الجامع" ج ٤ ص ١٢٧ - ١٢٨. بنسخة شرح المباركفوريّ.
(٢) - "طرح التثريب" ج ٣ ص ٢٩٤ - ٢٩٥.