للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المذكورة، لا على التقدير الموضوع للتحديد، بل للإعلام بعظم بعد المسافة، فبهذا تجتمع الروايات. وقال النوويّ بعد حكايته: وليس في القليل من هذه المسافات منع الكثير، فالكثير ثابت على ظاهر الحديث، ولا معارضة، واللَّه أعلم انتهى (١).

وقوله: "وإني قد أعطيت مفاتيح خزائن الأرض"، أو "مفاتيح الأرض"، هكذا الرواية، وكأنه شكّ من بعض الرواة في اللفظ المقول، وأشار - صلى اللَّه عليه وسلم - بذلك إلى ما فُتح على أمته من الملك والخزائن.

وقوله: "وإني واللَّه ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي" أي على مجموعكم، لأن ذلك قد وقع من البعض، أعاذنا اللَّه تعالى منه.

وقوله: "ولكني أخاف عليكم أن تنافسوا فيها" أي في خزائن الأرض المتقدم ذكرها، ويحتمل أن يعود الضمير على الدنيا، وإن لم يتقدّم ذكرها صريحا، ويدلّ لذلك قوله في رواية مسلم: "ولكني أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوا فيها" (٢). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته: حديث عقبة بن عامر - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا متفق عليه:

المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا - ٦١/ ١٩٥٤ - وفي "الكبرى" ٦١/ ٢٠٨١. وأخرجه (خ) ١٣٤٤ و ٣٥٩٦ و ٤٠٤٢ و ٤٠٨٥ و٦٥٩٠ (م) ٢٢٩٦ (د) ٣٢٢٣ (أحمد) ١٦٨٩٣ و ١٦٩٤٦ و ١٦٩٤٩. واللَّه تعالى أعلم.

المسألة الثالثة: في فوائده (٣):

منها: ما ترجم له المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وهو مشروعية الصلاة على الشهداء، وقد استوفينا بحثه في شرح الحديث السابق. ومنها: بيان فضل هذه الأمة، حيث كان نبيهاء - صلى اللَّه عليه وسلم - فَرَطا لها، يتقدّمها، وينتظرها على حوضه الشريف، فلها البشرى العظيمة. ومنها: أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - سيشهد على أمته في الآخرة بما عملت. ومنها: ما قاله وليّ الدين -رحمه اللَّه تعالى-: إن في هذا الحديث معجزات للنبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فإن معناه الإخبارُ بأن أمته تملك خزائن الأرض، وقد وقع ذلك، وأنها لا ترتدّ جملة، وقد عصمهم اللَّه تعالى من ذلك،

وأنها تتنافس في الدنيا، وتقتتل عليها، وقد وقع ذلك، عصمنا اللَّه تعالى منه آمين. قاله


(١) - "طرح التثريب" ج ٣ ص ٢٩٦ - ٢٩٧.
(٢) - "طرح" ج ٣ ص ٢٩٧ و"فتح" ج ٧ ص ٣٢٠.
(٣) - المراد فوائد الحديث كله، لا خصوص رواية المصنّف، فتنبّه.