للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

البخاريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- (١).

قال في "الفتح": قوله: "وقال سليمان بن كثير الخ" هو موصول في "الزهريات" للذهليّ، وفي رواية سليمان المذكور إبهام شيخ الزهريّ، قال الدارقطنيّ في "التتبّع": اضطرب فيه الزهريّ. وأجيب بمنع الاضطراب، لأن الحاصل من الاختلاف فيه على الثقات أن الزهريّ حمله عن شيخين، وأما إبهام سليمان لشيخ الزهريّ، وحذف الأوزاعيّ له، فلا يؤثّر في رواية من سمّاه، لأن الحجّة لمن ضبط، وزاد، إذا كان ثقة، لا سيما إذا كان حافظا، وأما رواية أسامة، وعبدالعزيز، فلا تقدح في الرواية الصحيحة لضعفهما، وقد بينّا أن البخاريّ صرّح بغلط أسامة فيه انتهى (٢).

(أَخْبَرَهُ أَن رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، كَانَ يَجمَعُ بَينَ الرَّجُلَيْنِ، مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ) جمع قتيل، وإضافته إلى "أحد" بمعنى "في" (فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ) أي من الكفن، للضرورة، ولا يلزم منه تلاقي بشرتهما، إذ يمكن حيلولتهما بَنحو إذخر، ويحتمل أن الثوب كان طويلاً، فقطعه بينهما نصفين، وكفّن كلّ واحد على حياله، ويؤيّد الأول، بل يُعيّنه قول جابر في تمام الحديث عند البخاريّ: "فكفّن أبي وعمّي في نمرة واحدة".

وقال المظهريّ في "شرح المصابيح": قوله: "في ثوب واحد" أي في قبر واحد، إذ لا يجوز تجريدهما في ثوب واحد، بحيث تتلاقى بشرتاهما.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: تأويل المظهريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فيه نظر لا يخفى، إذ هو بعيد عن سياق الحديث، بل يبطله قول جابر - رضي اللَّه عنه - في آخر الحديث: "فكفّن أبي وعمّي في نمرة واحدة"، وكذا قول بعضهم: معناه أنه قطّع الثوب الواحد باثنين، فكفّن كلّ واحد بقطعة بعيدٌ أيضًا.

بل الصواب أن يحمل على أن تكفين الاثنين كان في ثوب واحد، كما هو ظاهر الحديث، وهو محمول على الضرورة، فتأمل بإنصاف، ولا تتحيّر بالاعتساف.

(ثُمَّ يَقُولُ: " أَيُّهمَا) وفي نسخة: "أيهم" (أَكْثَرُ، أَخْذًا) منصوب على التمييز (لِلقُرْآنِ) متعلق بـ "أخذًا وفي رواية الترمذيّ: "أيهم أكثر حفظًا للقرآن" (فَإِذَا أُشِيرَ إِلَى أَحَدِهِمَا، قَدَّمَهُ) أي ذلك الأحدَ المشارَ إليه (فِي اللَّحْدِ) بفتح اللام، وسكون المهملة: هو الشَّقُّ في عرض القبر في جانب القبلة، وسمي لحدًا لأنه يُشقّ في ناحية من القبر، مائلًا عن وسطه قدر ما يوضع الميت في جهة القبلة، والإلحاد لغة الميل.

وفي حديث عبد اللَّه بن ثعلبة، عند ابن إسحاق، فكان يقول: "انظروا أكثر هؤلاء


(١) - "صحيح البخاري" ج ٣ ص ٥٧٤ - ٥٧٥ بنسخة الفتح.
(٢) - "فتح" ج ٣ ص ٥٧٤ - ٥٧٦.