للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جمعًا للقرآن، فاجعلوه أمامَ أصحابه، وذكر ابن إسحاق ممن دُفن جميعًا عبد اللَّه بن جحش، وخاله حمزة بن عبد المطلب، ومن وجه آخرها أنه أمر بدفن عمرو بن الْجَمُوح، وعبد اللَّه بن عمرو، والد جابر انتهى (١)

(قَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ) الظاهر أن "على" بمعنى اللام، أي أنا أشهد لهم بأنهم بذلوا أرواحهم، وتركوا حياتهم للَّه تعالى (وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ فِي دِمَائِهِمْ) وفي نسخة: "بدمائهم" (وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ) قال في "الفتح": هو مضبوط في روايتنا بفتح اللام، وهو اللائق بقوله بعد ذلك: "ولم يُغسَّلُوا"، وفي رواية للبخاري من وجه آخر: "ولم يصلِّ عليهم، ولم يغسلهم"، وهذه بكسر اللام، والمعنى: ولم يفعل ذلك بنفسه، ولا بأمره. وهذا محلّ الترجمة، حيث صرّح بأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يصلّ عليهم، فدلّ على ترك الصلاة على الشهداء.

قال الحافظ: وقد أجاب بعض الحنفيّة عنه بأنه ناف، وغيره مثبت. وأجيب بأن الإثبات مقدّم على النفي غير المحصور، وأما نفي الشيء المحصور إذا كان راويه حافظًا، فإنه يترجّح على الإثبات، إذا كان راويه ضعيفًا، كالحديث الذي فيه إثبات الصلاة على الشهيد.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: في هذا الكلام نظر لا يخفى؛ لأنه قد سبق أن حديث عقبة بن عامر، وحديث شدّاد بن الهاد صحيحان، فكيف يطلق القول بالضعف؟ اللَّهم إلا إذا أراد الحديث المتعلّق بصلاته على حمزة وغيره يوم أحد، فإنها ضعاف، كما سبق بيانه.

قال: وعلى تقدير التسليم، فالأحاديث التي فيها ذلك إنما هي في قصّة حمزة، فيحتمل أن يكون ذلك مما خُصّ به حمزة من الفضل. وأجيب بأن الخصائص لا تثبت بالاحتمال. ويجاب بأنه يوقف الاستدلال.

قالوا: ويمكن الجمع بأنه لم يصلّ عليهم ذلك اليوم، كما قال جابر، ثم صلى عليهم في ثاني يوم، كما قال غيره انتهى (٢).

(وَلَمْ يُغَسَّلُوا) بالبناء للمفعول، من التغسيل، أو الغَسْل،

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد تقدّم البحث في الصلاة على الشهداء، وغسلهم مُستوفًى في الباب الماضي، فراجعه تستفد، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) - "فتح" ج ٨ ص ١٢٧. "كتاب المغازي" رقم الحديث ٤٠٨٠.
(٢) - "فتح" ج ٨ ص ١٢٧ "كتاب المغازي" رقم الحديث ٤٠٨٠.