على النحو المذكور، والثاني: صلاته ركعتين عقبه بالصفة المذكورة في الحديث، والمرتب على مجموع أمرين لا يلزم ترتبه على أحدهما إلا بدليل خارج، وقد يكون للشيء فضيلة بوجود أحد جزئيه فيصح كلام من أدخل هذا الحديث في فضل الوضوء فقط لحصول مطلق الثواب، لا الثواب المخصوص المترتب على مجموع الوضوء على النحو المذكور، والصلاة الموصوفة بالوصف المذكور، قاله البدر العيني، جـ ٢/ ص ٣٠٥.
ومنها: الترتيب في أفعال الوضوء، وقد اختلف العلماء فيه، فمنهم من رآه سنة، وهم الحنفية، ومنهم من رآى الترتيب في المفروض دون المسنون، كالمضمضة، والاستنشاق، وهو مذهب مالك، قال العيني: واختلف أصحابه في الترتيب على ثلاثة أقوال: الوجوب، والندب، وهو المشهور عندهم والاستحباب، ومنهم من أوجبه: وهم الشافعية، وخالفهم المزني، فقال: لا يجب، واختاره ابن المنذر والبندنيجي، وحكاه البغوي عن أكثر المشايخ، وحكاه قولا قديما وعزاه إلى صاحب التقريب، وقال إمام الحرمين: لم ينقل أحد قط أنه - صلى الله عليه وسلم - نكس وضوءه، فاطرد الكتاب والسنة على وجوب الترتيب، قاله العيني جـ ٢/ ص ٣٠٥.
قال الجامع: وهذا القول هو الراجح عندي لوضوح دليله. والله تعالى أعلم.
إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب.