للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يُصلَّى عليها، ولا على ولدها. وقال يعقوب: من قُتل من هؤلاء المحاربين، أو صُلب لم يصلّ عليه، وإن كان يدّعي الإسلام، وكذلك الفئة الباغية لا يصلّى على قتلاها، وكذلك قال النعمان.

وقال ابن المنذر أيضًا: واختلفوا في الصلاة على ولد الزنا، فقال أكثر أهل العلم: يصلّى عليه، كذلك قال عطاء، والزهريّ، والنخعيّ، ومالك، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق. وكان قتادة يقول: لا يصلى عليه. واختُلف فيه عن ابن عمر، فقيل: إنه صلى عليه، ورُوي عنه أنه كان لا يصلي عليه.

واختلفوا في الصلاة على من قتل نفسه، فكان الحسن، والنخعيّ، وقتادة يرون الصلاة عليه. وقال الأوزاعيّ: لا يصلى عليه، وذكر أن عمر بن عبد العزيز لم يُصلّ عليه.

قال ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: سَنَّ رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - الصلاة على المسلمين، ولم يستثن منهم أحدًا، وقد دخل في جملتهم الأخيار والأشرار، ومن قُتل في حدّ، ولا نعلم خبرًا أوجب استثناء أحد ممن ذكرناهم، فيُصَلَّى على من قتل نفسه، وعلى من أصيب في أيّ حدّ أصيب فيه، وعلى شارب الخمر، وولد الزنا، لا يُستثنَى منهم إلا من استثناه النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - من الشهداء الذين أكرمهم اللَّه بالشهادة، وقد ثبت أن نبيّ اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - صلى على من أصيب في حدّ -يعني الغامدية الآتية قريبًا- انتهى كلام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- باختصار (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي قاله ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- حسنٌ جدًّا، إلا أن للإمام خاصّةً أن لا يصلي على من يَحِيف (٢)، وعلى من غَلّ، وعلى من عليه دين، وعلى من قتل نفسه، إن رأى ذلك، لأجل أن ينزجر الناس عن مثل أفعالهم، وسيأتي بيان أدلة كلّ ذلك في الأبواب التي سيذكرها المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فيها قريبًا، واللَّه تعالى أعلم بالصوب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".


(١) - "الأوسط" ج ٥ ص ٤٠٦ - ٤٠٩.
(٢) - هذا على تقدير صحة حديثه، لكن سيأتي أن حديثه لا يصحّ، فتنبّه.