للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تعالى أعلم.

ومنها: أن الحدود لا يبطلها طول الزمان، وهو مذهب الجمهور، وقد شذّ بعضهم، فقال: إذا تطاول الزمان على الحدّ بطل. قاله أبو حنيفة فى الشهادة بالزنى، والسرقة القديمين، وهو قول لا أصل له. قاله القرطبيّ.

ومنها: أنه لا يُسبّ من أقيم عليه الحدّ، ولا يؤذى بقَذِع الكلام، فإنه - صلى اللَّه عليه وسلم - قال لخالد ابن الوليد لما سبّ الغامديّة - رضي اللَّه عنها -: "مهلاً يا خالد، فوالذي نفسى بيده، لقد تابت توبهّ لو تابها صاحب مَكْس لغُفِر له".

وقد أخرج المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "الكبرى" بسند حسن قصّةَ ماعز بن مالك - رضي اللَّه عنه -، وفيه: فأمر رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - أن يُرجم، فرُجم، فسمع رجلين من أصحابه يقول أحدهما لصاحبه: انظروا إلى هذا الذي ستر اللَّه عليه، فلم تَدَعه نفسه حتى رُجِم رَجْمَ الكلب، فسكت عنهما رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، ثم سار، فمرّ بجيفة حمار شائل برجله، فقال: "أين فلان، وفلان؟ "، فقالا: نحن ذا يا رسول اللَّه قال لهما: "كُلَا من جيفة هذا الحمار"، فقالا: يا رسول اللَّه غفر اللَّه لك مَن يأكل هذا؟ فقال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "ما نِلتما من عِرض هذا آنفًا لشرّ من أكل هذه الجيفة، فوالذي نفسي بيده إنه الآن في أنهار الجنّة" (١).

وبقية فوائد الحديث تقدمت في الباب الماضي، وكذا بيان المذاهب في حكم الصلاة على المرجوم، فراجعها تستفد، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".


(١) - انظر "السنن الكبرى" ج ٥ ص ٢٧٧ رقم الحديث ٧١٦٥.