أجيب بأنه لما كان لا يتبيّن من له نيّة صالحة في الوفاء، ممن لا نيّة له فيها، كان ترك الصلاة على الجميع أولى، تغليظًا لحقوق المسلمين، وحسمًا لمادّة التساهل في الوفاء، لينزجر الجميع، ويبادروا في أداء الديون قبل حلول الموت. واللَّه تعالى أعلم.
(قَالَ: رَجُلٌ، مِنَ الْأَنْصَارِ، يُقَالُ لَهُ: أَبُو قَتَادَةَ) - رضي اللَّه عنه - (صَلِّ عَلَيْهِ، وَعَلَيَّ دَيْنُهُ، فَصَلَّى عَلَيْهِ) أي صلى النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - على ذلك الرجل، لَمّا تكفل أبو قتادة - رضي اللَّه عنه - بدينه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
المسألة الأولى: في درجته: حديث سلمة بن الأكوع - رضي اللَّه عنه - هذا أخرجه البخاريّ.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٦٧/ ١٩٦١ - وفي "الكبرى" ٦٧/ ٢٠٨٨. وأخرجه (خ) ٢١٢٧ و ٣١٣١ (أحمد) ١٥٩١٣. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
١٩٦٢ - أَخْبَرَنَا نُوحُ بْنُ حَبِيبٍ الْقُومِسِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ, قَالَ: أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ, عَنِ الزُّهْرِيِّ, عَنْ أَبِي سَلَمَةَ, عَنْ جَابِرٍ, قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, لَا يُصَلِّي عَلَى رَجُلٍ, عَلَيْهِ دَيْنٌ, فَأُتِيَ بِمَيِّتٍ, فَسَأَلَ «أَعَلَيْهِ دَيْنٌ؟» , قَالُوا: نَعَمْ عَلَيْهِ دِينَارَانِ, قَالَ: «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ» , قَالَ: أَبُو قَتَادَةَ: هُمَا عَلَيَّ, يَا رَسُولَ اللَّهِ, فَصَلَّى عَلَيْهِ, فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, قَالَ: «أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ, مَنْ تَرَكَ دَيْنًا فَعَلَيَّ, وَمَنْ تَرَكَ مَالاً فَلِوَرَثَتِهِ».
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا السند بعينه تقدم قبل ثلاثة أبواب، وشرح الحديث يُعلم مما قبله. والحديث صحيح، أخرجه المصنّف هنا -٦٧/ ١٩٦٢ وفي "الكبرى" ٦٧/ ٢٠٨٩. وأخرجه (د) ٢٥٦٧ و ٢٩٥٢ (ق) ٤٤ (أحمد) ١٣٨١ و ١٣٩٠٩ و ١٤١٠٢ و ١٤٤٥٥ (الدارميّ) ٢٠٨.
وقوله: "عن جابر" هكذا انفرد معمر، فرواه، عن الزهريّ، عن أبي سلمة، عن جابر، كما أخرجه المصنّف هنا، وأبو داود، والترمذيّ، وقد خالفه يونس، وابن أبي ذئبٍ، وعُقيل، وابن أخي ابن شهاب، فرووه عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -، وهو الحديث التالي. أفاده في "الفتح" (١).
فالظاهر أن رواية معمر شاذّة، لكن المتن صحيح، لا تؤثّر فيه العلّة الموجودة في
(١) - "فتح" ج ٥ ص ٢٤٤. بتصرّف، "كتاب الكفالة" رقم الحديث ٢٢٩٨.