للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأما الْكَلّ، فبفتح الكاف، قال الخطّابيّ، وغيره: المراد به ههنا العيال، وأصله الثِّقَلُ، ومعنى "أنا مولاه": أي وليّه، وناصره. واللَّه تعالى أعلم انتهى (١).

وقال في "الفتح": قال العلماء: كان الذي فعله - صلى اللَّه عليه وسلم - من ترك الصلاة على من عليه دينٌ ليحرّض الناس على قضاء الديون في حياتهم، والتوصّل إلى البراءة منها، لئلا تفوتهم صلاة النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - وهل كانت صلاته على من عليه دين محرّمة عليه، أو جائزة؟ وجهان، قال النوويّ: والصواب الجزم بجوازه مع وجود الضامن، كما في حديث مسلم. وحكى القرطبيّ أنه ربما كان يمتنع من الصلاة على من استدان دينًا غير جائز، وأما من استدان لأمر هو جائز، فما كان يمتنع. وفيه نظر، لأن في حديث الباب ما يدلّ على التعميم، حيث قال: "من توفّي، وعليه دين"، ولو كان الحال مختلفًا لبيّنه.

نعم جاء من حديث ابن عباس - رضي اللَّه عنهما -: "أن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - لما امتنع من الصلاة على من عليه دين، جاءه جبريل، فقال: إنما الظالم في الديون التي حملت في البغي والإسراف، فأما المتعفّف، ذو العيال، فأنا ضامن له، أؤدّي عنه، فصلّى عليه النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، وقال بعد ذلك: "من ترك ضَيَاعًا … " الحديث، وهو ضعيف. وقال الحازميّ بعد أن أخرجه: لا بأس به في المتابعات. وليس فيه أن التفصيل المذكور كان مستمرًّا، وإنما فيه أنه طرأ بعد ذلك، وأنه السبب في قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "من ترك دينًا فعليّ".

وفي صلاته - صلى اللَّه عليه وسلم - على من عليه دين بعد أن فتح اللَّه عليه الفتوح إشعار بأنه كان يقضيه من مال المصالح. وقيل: بل كان يقضيه من خالص نفسه، وهل كان القضاء واجبًا عليه، أم لا؟ وجهان.

وقال ابن بطّال -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "من ترك دينًا فعليّ" ناسخ لترك الصلاة على من مات، وعليه دين. وقوله: "فعليّ قضاؤه" أي مما يُفيء اللَّه تعالى عليه من الغنائم، والصدقات، قال: وهكذا يلزم المتولّيَ لأمر المسلمين أن يفعله بمن مات، وعليه دين، فإن لم يفعل، فالإثم عليه، إن كان حقّ الميت فى بيت المال يَفي بقدر ما عليه من الدين، وإلا فبقسطه. انتهى ما في "الفتح" (٢) واللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته: حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - هذا متفق عليه.

المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:


(١) - "شرح مسلم" للنوويّ ج ١١ ص ٦٠ - ٦١ "كتاب الفرائض".
(٢) - "فتح" ج ٥ ص ٢٤٥ "كتاب الكفالة" رقم الحديث ٢٢٩٨.