للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومن رواية أبي سلمة، أن عائشة - رضي اللَّه عنها -، لما توفّي سعد بن أبي وقّاص، قالت: ادخلوا به المسجد حتى أصلي عليه، فأنكر ذلك عليها، فقالت: "واللَّه لقد صلى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - على ابني بيضاء في المسجد، سُهيل وأخيه".

قال مسلم: سُهيل ابن دَعْد، وهو ابن البيضاء، أمه بيضاء انتهى.

(مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، عَلَى سُهَيْلِ ابْنِ بَيْضَاءَ) القرشيّ، الفهريّ، من المهاجرين، يُكنى أبا موسى، هاجر الهجرتين إلى الحبشة، وشهد بدرًا، وأحدًا، ومات بعد رجوع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - من تبوك سنة تسع - رضي اللَّه عنه -.

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قال العلماء: بنو بيضاء، ثلاثة إخوة: سهل، وسُهيل، وصفوان، وأمهم البيضاء، اسمها دعد بنت الجحدم بن أمية بن ضبّة بن الحارث، والبيضاء وصف، وأبوهم وهب بن ربيعة بن عمرو بن عامر بن ربيعة بن هلال بن مالك ابن ضَبَّة بن الحارث ابن فهر القرشيّ الفهريّ، وكان سُهيل قديم الإسلام، هاجر إلى الحبشة، ثم عاد إلى مكة، ثم هاجر إلى المدينة، وشهد بدرًا وغيرها، توفي سنة تسع من الهجرة - رضي اللَّه عنه - انتهى كلام النوويّ بزيادة من "الاستيعاب" (١).

وأما أخوه سهل، فقال الحافظ أبو عمر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: كان ممن أظهر إسلامه بمكة، وهو الذي مشى إلى النفر الذين قاموا في شأن الصحيفة التي كتبها مشركو قريش على بني هاشم، حتى اجتمع له نفر، تبرّءوا من الصحيفة، وأنكروها، وهم هشام بن عمرو بن ربيعة، والمطعم بن عديّ بن نوفل، وزمعة بن الأسود بن عبد المطّلب بن أسد، وأبو البَختريّ بن هشام بن الحارث بن أسد، وزُهير بن أبي أُمية بن المغيرة، وفي ذلك يقول أبو طالب [من الطويل]:

جَزَى اللَّهُ رَبُّ الناسِ رَهْطًا تَبَايَعُوا … عَلَى مَلِأ يُهْدَى لِخَيْرٍ وَيُرْشَدُ

قُعُودِ لَدَى جَنْبِ الْحَطِيمِ كَأَنَّهُ … مَقَاوَلَةٌ بَلْ هُمْ أَعَزُّ وَأَمْجَدُ

هُمُ رَجَعُوا سَهْلَ ابْنَ بَيْضَاءَ رَاضِيًا … فَسُرَّ أَبُو بَكْرِ بِهَا وَمُحَمَّدُ

أَلَمْ يَأتِكُمْ أَنَّ الصَّحِيفَةَ مُزِّقَتْ … وَأَن كُلَّ مَا لَمْ يَرْضَهُ اللَّهُ مُفْسَدُ

أَعَانَ عَلَيْهَا كُلُّ صَقْرٍ كَأَنَّهُ … إِذَا مَا مَشَى فِي رَفْرَفِ الدِّرْعِ أَحْرَدُ

أسلم سهل ابن بيضاء بمكة، وأخفى إسلامه، فأخرجته قريش معهم إلى بدر، فأُسر يومئذ مع المشركين، فشهد له عبد اللَّه بن مسعود أنه رآه بمكة يصلي، فخُلِّي عنه، ولا أعلم له رواية، ومات بالمدينة انتهى (٢).


(١) - "شرح مسلم" ج ٧ ص ٤٣.
(٢) - "الاستيعاب" لابن عبد البرّ في هامش "الإصابة" ج ٤ ص ٢٧٠ - ٢٧١.