(إِلَّا فِي الْمَسْجدِ") وفي الرواية التالية: "إلا في جوف المسجد". وهذا محلّ الترجمة، حيث يدلّ على جواز الصلاة على الميت في المسجد، وفيه خلاف بين أهل العلم سنتكلّم عليه في المسألة الثالثة، إن شاء اللَّه تعالى، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
المسألة الأولى: في درجته: حديث عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - هذا أخرجه مسلم.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٧٠/ ١٩٦٧ و ١٩٦٨ - وفي "الكبرى" ٧٠/ ٢٠٩٤ و ٢٠٩٥. وأخرجه (م) ٢٢٤٩ و ٢٢٥٠ و ٢٢٥١ (د) ٢٧٧٤ و ٢٧٧٥ (ت) ٩٥٤ (ق) ١٥٠٧ (أحمد) ٢٣٣٥٨ و ٢٣٨٦٥ و ٢٤١٨٩ و ٢٥٠٤٤ (الموطأ) ٤٨٤. واللَّه تعالى أعلم.
المسألة الثالثة: في اختلاف أهل العلم في حكم الصلاة على الجنازة في المسجد:
قال الإمام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: اختلفوا في الصلاة على الجنائز في المسجد، فروينا أن أبا بكر - رضي اللَّه عنه - صُلّي عليه في المسجد، وصُلِّي على عمر بن الخطّاب في المسجد.
وبه قال أحمد، وإسحاق، وقال مالك: لا يُصلّى على الجنازة فى المسجد، إلا أن يتضايق المكان، وكره أن توضع الجنازة في المسجد.
قال ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: وفي صلاة من حضر، فصلّى على أبي بكر من المهاجرين والأنصار قدوة لمن أراد الاقتداء بهم، وحجّة، وكذلك صلاتهم على عمر في المسجد، وقد روينا عن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - أنه صلّى على سُهيل ابن بيضاء في المسجد انتهى (١).
وقال الحافظ أبو عمر -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: وصلاة رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - على سهيل ابن بيضاء من أصحّ ما يُروى عن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - من أخبار الآحاد العدول.
وهو قول الشافعيّ، وجمهور أهل العلم، وهي السنّة المعمول بها في الخليفتين بعد رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، صلّى عمر على أبي بكر الصّدّيق في المسجد، وصلى صُهيب على عمر في المسجد بمحضر كبار الصحابة، وصدر السلف، من غير نكير، وما أعلم من يُنكر ذلك إلا ابن أبي ذئب. ورويت كراهية ذلك عن ابن عبّاس من وجوه لا تصحّ، ولا تثبت، وعن بعض أصحاب مالك، ورواه عن مالك، وقد رُوي عنه جواز ذلك من رواية أهل المدينة، وغيرهم. وقد قال في المعتكف: لا يخرج إلى جنازة، فإن اتصلت الصفوف به في المسجد، فلا يصلي عليها مع الناس.
(١) - "الأوسط" ج ٥ ص ٤١٥ - ٤١٦.