للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أصحمة، فهو اسم علم لهذا الملك الصالح الذي كان في زمن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -. قال المطرّزيّ، وابن خالويه، وآخرون، من الأئمة كلامًا متداخلًا، حاصله: أن كلّ من ملك المسلمين يقال له: أمير المؤمنين، ومن ملك الحبشة النجاشي، ومن ملك الروم قيصر، ومن ملك الفرس كسرى، ومن ملك الترك خاقان، ومن ملك القبط فرعون، ومن ملك مصر العزيز، ومن ملك اليمن تُبَّع، ومن ملك حِمْيَر القَيل بفتح القاف، وقيل: القيل أقلّ درجة من الملك انتهى (١).

فائدة: قال في "الفتح": أرض الحبشة بالجانب الغربيّ من بلاد اليمن، ومسافتها طويلة جدًّا، وهم أجناس، وجميع فِرَق السودان يُعطُون الطاعةَ لملك الحبشة، وكان في القديم يلقّب بالنجاشيّ، وأما اليوم، فيقال له: الحَطِي -بفتح المهملة، وكسر الطاء المهملة الخفيفة، بعدها تحتانيّة خفيفة- ويقال: إنهم من ولد حبش بن كوش بن حام. قال ابن دُريد: جمع الحَبَش أُحبوش بضم أوله، وأما قولهم: الحَبَشَة فعلى غير القياس، وقد قالوا أيضًا: حُبْشان، وقالوا: أَحْبُش، وأصل التحبيش التجميع. واللَّه أعلم انتهى (٢).

(قَدْ مَاتَ فَقُومُوا) فيه إيجاب القيام في صلاة الجنازة، وسيأتي البحث عنه في الباب التالي، إن شاء اللَّه تعالى (فَصَلُّوا عَلَيْهِ) فيه إيجاب الصلاة على الميت، وهو كما تقدّم على الكفاية، وفيه أيضًا جواز الصلاة على الغائب، وقد تقدّم اختلاف أهل العلم فيه في -٥٧/ ١٩٤٦ - (فَقَامَ، فَصَفَّ بِنَا) يؤخذ منه مطابقة الحديث للترجمة (٣)، لأن الغالب أن الملازمين له - صلى اللَّه عليه وسلم - كانوا كثيرين، ولا سيّما مع أمره لهم بالخروج إلى المصلّى. أفاده الكرماني. وفي رواية أبي الزبير الآتية: "فصففنا عليه صفّين"، وفي رواية له، عن جابر - رضي اللَّه عنه - قال: كنت في الصفّ الثاني …

وفي رواية للبخاريّ "فصففنا، فصلى النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، ونحن صفوف" (كَمَا يُصَفُّ عَلَى الْجَنَازَةِ) ببناء الفعل للمفعول، أي صفًا مشابهًا لصفّ الصلاة على الجنازة الحاضرة، والمراد به أن تلك الصلاة صلاة حقيقة، وليست مجرّد دعاء (وَصَلَّى عَلَيْهِ) أي صلى النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - على النجاشيّ - رضي اللَّه عنه -. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته:


(١) - "شرح مسلم" في الموضح المتقدم.
(٢) - "فتح" ج ٧ ص ٥٨٧: "كتاب مناقب الأنصار" -"باب هجرة الحبشة" رقم الحديث ٣٨٧٢ - ٣٨٧٦.
(٣) قد عرفت فيما سبق أول الباب أن مَحَلَّ المطابقة قوله: "كما يصفّ على الجنازة"، لا قوله: "فصفّ بنا". فتنبّه.