ذنوبه، يقال: عفا عنه، وعفا له ذنبه، وعن ذنبه: تركه، ولم يُعاقبه.
والعفو: الصفح، وترك عقوبة المستحقّ. قال المرتضى في شرح "ق": الصفح ترك التَّأْنيب، وهو أبلغ من العفو، فقد يعفو، ولا يَصْفَح، وأما العفو، فهو القصد لتناول الشيء، هذا هو المعنى الأصليّ. قال الراغب: فمعنى عفوتُ عنك، كأنه قصد إزالة ذنبه، صارفًا عنه، فالمعفوّ المتروك، "وعنك" متعلّق بمضمر، فالعفو هو التجافي عن الذنب انتهى "ق" وشرحه، باختصار، وتغيير (وَعَافِهِ) وفي الرواية التالية تقديمه على ما قبله، أي ادفع عنه المكروه، قال في "ق": والعافية: دفاع اللَّه عن العبد، ويقال: عافاه اللَّه تعالى عن المكروه، عِفَاءً بالكسر، ومُعافاة، وعافية: إذا وهب له العافية من العلل، والبلاء، كأعفاه انتهى (وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ) بضمتين، ويُخفّف بتسكين ثانيه، في الأصل طعام الضيف الذي يُهيّأ له، والمراد هنا ما يُعطيه اللَّه لعبده عند لقائه، مما لا عين رأت، ولا
أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر (وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ) وفي الروية السابقة في [٥٠/ ٦٢]"وأوسع". و"المدخل" بفتح الميم، وضمها: محل الدخول، والمراد به هنا القبر (وَاغْسِلْهُ بمَاءٍ، وَثَلْجٍ، وَبَرَدٍ) وفي الرواية التالية بتعريف الثلاث. و"الثلج" هو ماء ينزل من السماءَ، ثم ينعقد على وجه الأرض، ثم يذوب بعد جموده. و"الْبَرَد" -بفتحتين-: هو حَبّ الغمام، وهو ماء ينزل من السماء جامدًا، كالملح، ثم يذوب على الأرض.
قال التوربشتيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ذكر أنواع المطهّرات المنزّلة من السماء التي لا يمكن حصول الطهارة الكاملة إلا بأحدها، بيانًا لأنواع المغفرة التي لا يُتَخَلَّص من الذّنوب إلا بها، أي طهّرني بأنواع مغفرتك التي هي في تمحيص الذنوب بمثابة هذه الأنواع في إزالة الأرجاس، ورفع الأحداث انتهى.
وقال الخطابيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذه أمثال، ولم يُرَد بها أعيان هذه المسمّيات، وإنما أراد بها التوكيد في التطهير من الخطايا، والمبالغة في محوها عنه، والثلج والبرد ماءان لم تمسّهما الأيدي، ولم يمتهنهما الاستعمال، فكان ضرب المثل بهما أوكد في بيان معنى ما أراده من تطهير الثوب انتهى.
وقد تقدّم مزيد بسط لذلك في "كتاب الطهارة"[٥٠/ ٦٢] وإنما أعدته هنا تذكيرا حيث طال العهد به. وباللَّه تعالى التوفيق.
(وَنَقِّهِ) بتشديد القاف، من التنقية، وهو كناية عن إزالة الذنوب، ومحو أثرها (مِنَ الْخَطَايَا) جمع خطية، كعطيّة، وعطايا، أي من الذنوب والمآثم (كَمَا يُنَقَّى) أي يطهّر، ويُنطّف، وفي الرواية التالية:"كما نقّيت" بصيغة الماضي (الثَّوْبُ الأبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ) بفتحتين، أي الوَسَخ، ووقع التشبيه بالثوب الأبيض، لأن ظهور النَّقَاء فيه أشدّ،