للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأكمل؛ لصفائه، بخلاف غيره من الألوان (وَأَبْدِلْهُ) أي عوّضه، يقال: أبدلته بكذا، إبدالاً: نَحَّيتُ الأوّل، وجعلت الثاني مكانه، وبدّلته، تبديلًا، بمعنى غيّرته تغييرًا، وبدّل اللَّه السيّئات حسنات، يتعدّى إلى مفعولين بنفسه، لأنه بمعنى جعل، وصيّر، وقد استُعمل أبدَلَ بالألف مكان بدّل بالتشديد، فعُدّي بنفسه إلى مفعولين، لتقارب معناهما، وفي السبعة: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} الآية [التحريم: ٥] من أفعل، وفعّل.

والبَدَل -بفتحتين- والْبدْلُ -بالكسر- والْبَدِيل -كأمير-: كلها بمعنى الْخَلَف، والجمع أَبدالٌ. انتهى "المصباح" بتصرّف.

وفي نسخة "أبدله" بحذف العاطف، وفي أخرى "وأبدل له" بزيادة لام الجرّ، وزيادة اللام فيه محلّ نظر (دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ) هي دار الجنة التي فيها ما تشتهيه الأنفس، وتلذّ الأعين (وَأَهْلاً خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ) قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الأهل هنا عبارة عن الخَدَم والْخَوَل، ولا تدخل الزوجة فيهم؛ لأنه قد خصّها بالذكر بعد ذلك، حيث قال: "وزوجًا خيرًا من زوجه"، ويحتمل أن يكون من باب: {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} [الرحمن: ٦٨] ويفهم منه أن نساء الجنّة أفضل من نساء الآدميات، وإن دخلن الجنّة، وقد اختلف في هذا المعنى انتهى (١) (وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ) قال السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا من عطف الخاصّ على العامّ، على أن المراد بالأهل ما يعمّ الخدم أيضًا. وفيه إطلاق "الزوج" على المرأة، قيل: هو أفصح من "الزوجة" انتهى.

وقال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: الرجل زوج المرأة، وهي زوجه أيضًا، هذه هي اللغة العالية، وبها جاء القرآن، نحو: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} الآية [البقرة: ٣٥]، والجمع فيهما أزواج، قاله أبو حاتم، وأهل نجد يقولون في المرأة: زوجة بالهاء، وأهل الحرم يتكلّمون بها، وعَكَس ابن السكِّيت، فقال: وأهل الحجاز يقولون للمرأة: زوج بغير هاء، وسائر العرب: زوجة بالهاء، وجمعها زوجات، والفقهاء يقتصرون في الاستعمال عليها؛ للإيضاح، وخوف لبس الذكر بالأنثى، إذ لو قيل: تَرِكَةٌ فيها زوج، وابن، لم يُعلَم، أذكرٌ هو، أم أنثى؟ انتهى.

وذكر السيوطيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- في "شرحه" أن طائفة من الفقهاء قالوا: هذا خاصّ بالرجل، ولا يقال في الصلاة على المرأة أبدلها خيرًا من زوجها؛ لجواز أن تكون لزوجها في الجنّة، فإن المرأة لا يمكن الاشتراك فيها، والرجل يقبل ذلك. انتهى. (٢).


(١) - "المفهم" ج ٢ ص ٦١٤ - ٦١٥.
(٢) - "زهر الربى" ج ٣ ص ٧٣ - ٧٥.