للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالأركان الظاهرية، وهذا لا يتأتى إلا في حالة الحياة، وأما الإيمان فهو التصديق الباطنيّ، وهو الذي يُطلَب عليه الوفاة، فتخصيص الأول على الإحياء، والثاني بالإماتة هو الوجه انتهى.

وقال القاري الرواية المشهورة هي العمدة، ورواية أبي داود، إما من تصرّفات الرواة، نسيانًا، أو بناء على زعم أنه لا فرق بين التقديم والتأخير، وجواز النقل بالمعنى، أو يقال: فأحيه على الإيمان، أي وتوابعه، من الأركان، وتوفَّه على الإسلام، أي على الانقياد والتسليم، لأن الموت مقدّمة {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (٨٨) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: ٨٨ - ٨٩]. انتهى.

وقال الشوكانيّ: لفظ: "فأحيه على الإسلام هو الثابت عند الأكثر انتهى.

وقوله: "لا تحرمنا أجره" بفتح التاء، وكسر الراء، من باب ضرب، أو بضمّ أوله، من باب أفعل. قال السيوطيّ: بفتح التاء، وضمها لغتان فصيحتان، والفتح أفصح، يقال: حَرَمه، وأحرمه: أي منعه، والمراد أجر موته، فإن المؤمن أخو المؤمن، فموته مصيبة عليه، يَطلُب فيها الأجر. نقله في "عون المعبود" عن "فتح الودود".

وقوله: "ولا تفتنّا بعده" بتشديد النون، من باب ضرب، أي لا تجلعنا مفتونين بعد الميت، بل اجعلنا معتبرين بموته عن موتنا، ومستعدّين لرحلتنا. وقال ابن الملك: أي لا تُلقِ علينا الفتنة بعد الإيمان، والمراد بها هاهنا خلاف مقتضى الإيمان. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

مسألتان تتعلقان بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته: حديث أبي إبراهيم الأنصاريّ، عن أبيه - رضي اللَّه عنه - هذا صحيح. قال أبو عيسى الترمذيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: حديث والد أبي إبراهيم، حديث حسن صحيح، وروى هشام الدستوائي، وعلي بن المبارك، هذا الحديث، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، مرسلا. ورَوَى عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عائشة، عن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -.

وحديث عكرمة بن عمار، غير محفوظ، وعكرمة ربما يَهِم في حديث يحيى. وروي عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد اللَّه بن أبي قتادة، عن أبيه، عن النبى - صلى اللَّه عليه وسلم -. وسمعت محمدا يقول: أصح الروايات في هذا، حديث يحيى بن أبي كثير، عن أبي إبراهيم الأشهلي، عن أبيه، وسألته عن اسم أبي إبراهيم، فلم يعرفه. انتهى (١).


(١) - راجع "الجامع" ج ٣ ص ٣٣٤ - ٣٣٥.