للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يعرفه، روى له الترمذيّ، والمصنّف هذا الحديث فقط.

٦ - (أبو أبي إبراهيم الأنصاريّ) صحابيّ، لا يعرف اسمه - رضي اللَّه عنه -. واللَّه تعالى أعلم.

لطائف هذا الإسناد:

(منها): أنه من سداسيات المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح، غير شيخه، وأبي إبراهيم. (ومنها): أنه مسلسل بالبصريين، غير أبي إبراهيم،، وأبيه. (ومنها): أن فيه رواية تابعي عن تابعيّ، ورواية الابن عن أبيه. واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عَنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ) - رضي اللَّه عنه - (أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، يَقُولُ، فِي الصَّلَاةِ عَلَى المَيِّتِ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا، وَمَيِّتِنَا، وَشَاهِدِنَا) أي حاضرنا (وَغَائِبنَا، وَذَكَرِنَا، وَأُنْثَانَا، وَصَغِيرِنَا، وَكَبِيرِنَا") قال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: المقصود من القرائن الشمول، والاستيعاب، فلا يُحمل على التخصيص؛ نظرًا إلى مفرداته، كأنه قيل: اللَّهم اغفر للمسلمين والمسلمات، كلهم أجمعين انتهى.

وههنا إشكال، وهو أن المغفرة مسبوقة بالذنوب، فكيف تتعلّق بالصغير، ولا ذنب له، وذكروا في دفعه أوجهًا، فقال السنديّ: المقصود في مثله التعميم. وقال ابن حجر الهيتميّ: الدعاء بالمغفرة في حقّ الصغير لرفع الدرجات. وقال القاري: يمكن أن يكون المراد بالصغير والكبير الشابّ والشيخ. وقال التوربشتيّ: سئل أبو جعفر الطحاويّ عن معنى الاستغفار للصبيان، مع أنه لا ذنب لهم، فقال: معناه السؤال من اللَّه أن يغفر لهم ما كتب في اللوح المحفوظ أن يفعلوه بعد البلوغ، من الذنوب حتى إذا كانوا فعلوه كان مغفورًا، وإلا فالصغير غير مكلّف، لا حاجة له إلى الاستغفار انتهى (١).

زاد في غير رواية المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: "اللَّهمّ مَن أحييته منّا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا، فتوفَّه على الإيمان، اللَّهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنّا بعده".

وقوه: "فأحيه على الإسلام" أي الاستسلام، والانقياد للأوامر والنواهي. وقوله: "فَتَوَفَّهُ على الإيمان" أي التصديق القلبيّ، إذ لا نافع حينئذ غيره. قيل: خصّ الوفاة بالإيمان، لأن الإسلام أكثر ما يطلق على الأعمال الظاهرة، وليس هذا وقتها.

قال في "فتح الودود": المشهور الموجود في رواية الترمذيّ وغيره: "فأحيه على الإسلام، وتوفّه على الإيمان"، وهو الظاهر المناسب، لأن الإسلام، هو التمسّك


(١) - راجع "المرعاة شرح المشكاة" ج ٥ ص ٤١١ - ٤١٢.