للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لطائف هذا الإسناد:

(منها): أنه من سداسيات المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح. (ومنها): أنه مسلسل بالمدنيين، غير شيخه، وشيخ شيخه، فبصريان. (ومنها): أن فيه رواية تابعي عن تابعيّ. (ومنها): أن صحابيه أحد العشرة المبشّرين بالجنة، وهو آخر من مات منهم، مات - رضي اللَّه عنه - سنة (٥٥). واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عَنْ سَعْدٍ) بن أبي وقاص - رضي اللَّه عنه - (قَالَ) وفي الرواية التالية: أن سعدًا لَمّا حضرته الوفاة قال … (الْحَدُوا لِي لَحْدًا) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: بوصل الهمزة، وفتح الحاء، ويجوز بقطع الهمزة، وكسر الحاء، يقال: لَحَدَ يلحد، كذَهَب يذهب، وأَلْحَدَ يُلحِد: إذا حفر اللحد، واللحد، بفتح اللام، وضمها معروف، وهو الشقّ تحت الجانب القبليّ من القبر، وفيه دليل لمذهب الشافعيّ، والأكثرين في أن الدفن في اللحد أفضل من الشقّ، إذا أمكن، وأجمعوا على جواز اللحد، والشقّ انتهى (١).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: اللحد: هو أن يُشقّ في الأرض، ثم يُحفر قبر آخر في جانب الشقّ، من جهة القبلة، يُدخل فيه الميت، ويُسدّ عليه باللبن، وهو أفضل عندنا من الشقّ، وكلّ واحد منهما جائز، غير أن الذي اختار اللَّه لنبيّه - صلى اللَّه عليه وسلم - هو اللحد، وذلك أنه لما أراد الصحابة أن يَحفِروا للنبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، اشتوروا في ذلك، وكان في المدينة رجلان، أحدهما يَلحَد، والآخر لا يلحد، فقالت الصحابة: اللَّهم اختر لنبيّك - صلى اللَّه عليه وسلم -، فجاء الذي يلحد أوّلاً، فلحدوا، واشتوارهم في ذلك، واتّفاقهم يدلّ على أنه لم يكن عندهم في أفضليّة أحدهما من النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - تعيينٌ، ولذلك رجعوا إلى الدعاء في تعيين الأفضل انتهى (٢).

(وَانْصِبُوا) بوصل الهمزة، لأنه من نَصَب، ثلاثيا، يقال: نَصَبتُ الخشبة، نَصْبًا، من باب ضرب: أقمتها، ونصبت الحجرَ: رفعتُهُ علامة. قاله في "المصباح" (عَلَيَّ نَصْبًا) هكذا في رواية المصنّف بحذف المفعول، وقد ذُكر في رواية مسلم، ولفظه: "وانصبوا عليّ اللبن نصبًا، كما صُنع برسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - " (كَمَا فُعِلَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) فيه أن النبيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم - دُفن في اللحد، ونُصبت عليه اللبنات، وهي تسع لبنات، كما سيأتي. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) - "شرح مسلم" ج ٧ ص ٣٨.
(٢) - "المفهم" ج ٢ ص ٦٢٤.