للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تعيينه ما أخرجه أحمد، وابن ماجه، واللفظ له، من طريق حميد الطويل، عن أنس بن مالك، قال: لما توفي النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، كان بالمدينة رجل يلحد، وآخر يَضرَح (١)، فقالوا: نستخير ربنا، ونبعث إليهما، فأيهما سبق تركناه، فأُرسل إليهما، فسبق صاحب اللحد، فلحدوا للنبي - صلى اللَّه عليه وسلم -. حديث صحيح.

وأخرج أحمد بسنده عن حسين بن عبد اللَّه، عن عكرمة، مولى ابن عباس، عن ابن عباس، قال: لما أرادوا أن يحفروا لرسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وكان أبو عبيدة بن الْجَرّاح، يَضرَح، كحفر أهل مكة، وكان أبو طلحة، زيد بن سهل، يحفر لأهل المدينة، فكان يلحد، فدعا العباس رجلين، فقال لأحدهما: اذهب إلى أبي عبيدة، وللآخر اذهب، إلى أبي طلحة، اللَّهم خِرْ لرسولك، قال: فوَجَد صاحب أبي طلحة أبا طلحة، فجاء به، فلحد لرسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -. وفيه حسين بن عبد اللَّه قال فيه ابن معين في رواية ابن أبي مريم عنه: ليس به بأس، يكتب حديثه. وقال أبو حاتم: ضعيف، وهو أحبّ إلي من حسين بن قيس، يكتب حديثه، ولا يُحتجّ به. وقال ابن عديّ: أحاديثه، يشبه بعضها بعضًا، وهو ممن يكتب حديثه، فإني لم أجد حديثا منكرًا قد جاوز المقدار. وضعفه آخرون. لكن يشهد له حديث أنس الذي قبله، فالحديث عندي حسن. واللَّه تعالى أعلم.

فتقريره - صلى اللَّه عليه وسلم - للرجلين حال حياته، هذا يلحد، وهذا يشقّ، دليلٌ على أن كُلًّا من اللحد، والشقّ جائز، بلا كراهة، وإنما فُضّل اللحد، لأن اللَّه سبحانه وتعالى اختاره لنبيّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فدلّ على أفضليته. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

[تنبيه]: أخرج الإمام أحمد في "المسند" -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- هذا الحديث مطوّلاً، وذكر فيه سببًا، فقال:

١٨٦٩٥ - حدثنا إسحاق بن يوسف، حدثنا أبو جناب، عن زاذان، عن جرير بن عبد اللَّه، قال: خرجنا مع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فدما برزنا من المدينة، إذا راكب يوضع نحونا، فقال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: كأن هذا الراكب إياكم يريد، قال: فانتهى الرجل إلينا، فسلم، فرددنا عليه، فقال له النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -: "من أين أقبلت؟ "، قال" من أهلي، وولدي، وعشيرتي، قال: "فأين تريد؟ قال: أريد رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، قال: "فقد أصبته قال: يا رسول اللَّه، علمني ما الإيمان؟، قال: "تشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأن محمدا رسول اللَّه، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت"، قال: قد أقررتُ، قال: ثم إن بعيره دخلت يده في شبكة جرذان، فهوى بعيره، وهوى الرجل، فوقع على


(١) - من باب نفع: أي يحفر الضريح، وهو الشَّقُّ في وسط القبر. أفاده في "المصباح".