للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي "صحيح مسلم" عن سعد بن هشام، عن عائشة - رضي اللَّه عنها -، قالت: نعم المرء كان عامر، أصيب يوم أحد (١).

(ثَالِثَ ثَلَاَثة) أي أحد ثلاثة من الشهداء، وهو منصوب على أنه خبر "كان" (فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ) يعني أن أباه كان أحد ثلاثة أشخاص، دفنوا في قبر واحد. زاد في الرواية الآتية [٩١/ ٢٠١٨] من طريق ابن عيينة، عن أيوب: "وكان أكثرهم قرآنًا، فقدّم". واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته: حديث هشام بن عامر - رضي اللَّه تعالى عنهما - هذا صحيح.

فإن قلت: قد اختُلف فيه على حميد بن هلال، راويه عن هشام، فمنهم من قال: عن حميد، عن هشام، كما في رواية الباب، والرواية الآتية في [٩٠/ ٢٠١٥ و ٩١/ ٢٠١٨]، ومنهم من أدخل بينه، وبينه ابنه سعد بن هشام، كما في الرواية الآتية في [٨٧/ ٢٠١١ و ٩٠/ ٢٠١٦]، ومنهم من أدخل بينهما أبا الدَّهْمَاء، كما في الرواية الآتية في [٩٠/ ٢٠١٧]؟. وهذا اضطراب من حميد في الرواية، فكيف يصحّ؟.

قلت: ليس هذا اضطرابا يوجب ضعف الحديث، لإمكان الجمع بين هذه الروايات، فإن حميدًا، روى عن هشام، وعن ابنه سعد، وعن أبي الدَّهْماء، واسمه قِرْفَة بن بُهيس، فيحمل على أنه سمعه من سعد بن هشام، عن أبيه، وسمعه من أبي الدَّهماء، عن هشام، ثم سمعه عن هشام، بدون واسطة، وقد رواه معمر، عن أيوب، وقال: عن حميد بن هلال، قال: أخبرنا هشام بن عامر، فصرّح بسماع حميد إياه من هشام، كما في رواية أحمد في "المسند" (٢).

ثم إن للحديث شاهدًا صحيحًا من حديث رجل من الأنصار، أخرجه أبو داود، في "سننه"، فقال:

٣٣٣٢ - حدثنا محمد بن العلاء، أخبرنا ابن إدريس، أخبرنا عاصم بن كليب، عن أبيه، عن رجل من الأنصار، قال: خرجنا مع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، في جنازة، فرأيت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وهو على القبر، يوصي الحافر، "أوسع من قبل رجليه، أوسع من قبل رأسه"، فلما رجع استقبله، دَاعِي امرأة، فجاء، وجيء بالطعام، فوضع يده، ثم وضع القوم، فأكلوا، فنظر


(١) - "الإصابة" ج ٥ ص ٣٧٤.
(٢) - انظر "المسند" رقم ١٥٨٢٧.