للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[٣١/ ٥٦٠] وتقدم بسط شرحه، والكلام على مسائله هناك، فراجعه، تستفد. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٢٠١٤ - أَخْبَرَنِي (١) عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ, الْقَطَّانُ, الرَّقِّيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ, قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ, أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا, يَقُولُ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَذَكَرَ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِهِ مَاتَ, فَقُبِرَ لَيْلاً, وَكُفِّنَ فِي كَفَنٍ غَيْرِ طَائِلٍ, فَزَجَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, أَنْ يُقْبَرَ إِنْسَانٌ لَيْلاً, إِلاَّ أَنْ يُضْطَرَّ إِلَى ذَلِكَ.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الحديث أخرجه مسلم، وقد تقدم للمصنّف برقم [٣٧/ ١٨٩٥] سندًا ومتنًا، وتقدّم شرحه، والكلام على مسائله هناك، فراجعه تستفد، وباللَّه تعالى التوفيق.

[تنبيه]: ولنذكر هنا ما لم يتقدم بيانه هناك، وهو ما يتعلّق بهذا الماب، من بيان حكم الدفن بالليل:

قال الإمام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: اختلف أهل العلم في الدفن بالليل، فممن دُفِن بالليل أبو بكر، وفاطمة، وعائشة، وروينا أن عثمان دُفن ليلًا، وممن رَخّص في الدفن بالليل عقبة بن عامر، وسعيد بن المسيب، وشُريح، وعطاء بن أبي رباح، وسفيان الثوريّ، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق. وكان الحسن البصريّ يكره الدفن بالليل.

قال ابن المنذر: الدفن بالليل مباح، لأن مسكينة توفيت على عهد النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فدفنت بالليل، ولم ينكر ذلك عليهم لما علم به، لأنهم أعلموه بذلك، فأتى قبرها، فصلى عليه، وقد دفن من ذكرنا من أصحاب رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - ليلًا، ولو كان ذلك مكروهًا ما فعلوه، والذين تولوا (٢) ذلك أصحاب رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، أو من تولاه منهم انتهى كلامه (٣).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الذي يظهر لي أن الدفن بالليل ممنوع إلا عند الضرورة؛ لظاهر حديث الباب، والذين دفنوا ليلًا من الصحابة المذكورين - رضي اللَّه عنهم - إنما فُعل بهم ذلك للحاجة، فلا يتعارض مع حديث الباب.

قال أبو محمد ابن حزم -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: ولا يجوز أن يدفن أحد ليلا إلا عن ضرورة، قال: كل من دفن ليلا منه - عليه السلام -، ومن أزواجه، ومن أصحابه - رضي اللَّه عنهم - فإنما ذلك لضرورة أوجبت ذلك، من خوف زحام، أو خوف الحرّ على من حضر، وحرّ المدينة شديد، أو خوف تغيّر، أو غير ذلك، مما يبيح الدفن ليلًا، لا يحلّ لأحد أن


(١) - وفي "الهندية": "أخبرنا".
(٢) - وفي نسخة "الأسط" "والمبين ذلك أصحاب الخ" والظاهر أن صوابه والذين تولوا ذلك الخ.
(٣) - "الأوسط" ج ٥ ص ٤٦٠ - ٤٦١.