للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: سمعت محمد بن المنكدر، قال: سمعت جابر بن عبد اللَّه - رضي اللَّه عنهما -، قال: لما قتل أبي، جعلت أكشف الثوب عن وجهه، أبكي، وينهوني عنه، والنبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، لا ينهاني، فجعلتْ عمتي فاطمة تبكي، فقال النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -: "تبكين، أو لا تبكين، ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها، حتى رفعتموه". وتقدم للمصنّف برقم ١٢/ ١٨٤٣ و ١٤/ ١٨٤٥.

وقال الترمذيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- في "جامعه": حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي، حدثنا موسى بن إبراهيم بن كثير الأنصاري، قال: سمعت طلحة بن خِرَاش، قال: سمعت جابر بن عبد اللَّه، يقول: لقيني رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقال لي: "يا جابر، ما لي أراك منكسرا؟ "، قدت: يا رسول اللَّه، استُشهِد أبي، قتل يوم أحد، وترك عيالا ودينا، قال: أفلا أبشرك، بما لقي اللَّه به أباك، قال: قلت: بلى يا رسول اللَّه، قال: "ما كلم اللَّه أحدا قط، إلا من وراء حجاب، وأحيا أباك، فكلمه كفاحا (١)، فقال: يا عبدي، تَمَنَّ عليّ، أعطك، قال: يا رب، تحييني، فأقتل فيك ثانية، قال الرب -عَزَّ وَجَلَّ-: إنه قد سبق مني، أنهم إليها لا يرجعون، قال: وأنزلت هذه الآية: {ولَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} الآية [آل عمران: ١٦٩].

قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. وقد روى عبد اللَّه بن محمد ابن عقيل، عن جابر شيئا من هذا، ولا نعرفه إلا من حديث موسى بن إبراهيم، ورواه علي بن عبد اللَّه بن المديني، وغير واحد من كبار أهل الحديث، هكذا عن موسى بن إبراهيم.

(رَجُلٌ) هو عمرو بن الْجَمُوح بن زيد بن حَرَام الأنصاريّ، وكان صديق والد جابر، وزوج أخته هند بنت عمرو، وقال ابن إسحاق في "المغازي": حدثني أبي، عن رجال من بني سَلِمة أن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - قال حين أصيب عبد اللَّه بن عمرو، وعمرو بن الجموح: "اجمعوا بينهما، فإنهما كانا متصادقين في الدنيا".

(فِي الْقَبْرِ) متعلق بـ "دُفن"، أي في القبر الواحد (فَلَم يَطِبْ قَلْبِي) وفي نسخة: "فلم تطب نفسي" (حَتَّى أَخْرَجْتُهُ) وفي رواية للبخاريّ من طريق حسين المعلّم، عن عطاء: "ثم لم تطب نفسي أن أتركه مع الآخر، فاستخرجته بعد ستة أشهر، فإذا هو كيوم وضعته هُنّيّة، غير أذنه". وفي رواية أبي السكن، والنسفيّ: "غير هُنيّة في أذنه"، وصوبها القاضي عياض. ومعناه: غير شيء يسير عند أذنه.

قال في "الفتح": قوله: "فاستخرجته بعد ستة أشهر" أي من يوم دفنه، وهذا يخالف


(١) - أي مواجهةً.