أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما".
(أخبرني عن الوضوء) أي الوضوء الكامل الزائد على ما عَرَفناه، وهو ما عُرف، واستقر في الشرع مدحه، والثناء على فاعله، فأل في الوضوء للعهد الذهني، قاله في المنهل جـ ٢/ ص ٨٨.
(قال) - صلى الله عليه وسلم - (أسبغ الوضوء) بقطع الهمزة أي أكمله، ولا تترك شيئا من فرائضه، وسننه ومستحباته (وبالغ في الاستنشاق) أي أتمه بجذب الماء إلى أعلى الأنف، وبامتخاطه في كل مرة (إلا أن تكون صائما) أي إلا في حال صومك فلا تبالغ فيه خشية دخول الماء من الخيشوم إلى الحلق
وروى الدُّولابي في حديث الثوري من جمعه من طريق ابن مهدي، عن الثوري ولفظه: "وبالغ في المضمضة والاستنشاق إلا أن تكون صائما" وفي رواية لأبي داود من طريق أبي عاصم، عن ابن جريج، عن إسماعيل بن كثير بلفظ "إذا توضأت فتمضمض" قال الحافظ في الفتح: إسناد هذه الرواية صحيح اهـ.
فدلت هذه الروايات على وجوب المضمضة، والاستنشاق، ووجوب المبالغة لغير الصائم، وأما هو فلا يبالغ لما تقدم.
فإن قلت: السؤال عن أعمال الوضوء تفصيلا، فلم أجمل النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجواب بذكر الإسباغ في الوضوء، واقتصر في التفصيل على تخليل الأصابع، كما يأتي للمصنف في الباب ٩٢، وتقدم في رواية أبي داود وغيره، والمبالغة في الاستنشاق؟
أجيب: إما بأنه اقتصار من الرواة بسبب أن الحاجة دعتهم إلى نقل