المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -١٠٧/ ٢٠٤٨ - وفي "الكبرى" ١٠٧/ ٢١٧٥. وأخرجه (د) ٣٢٣٠ (ق) ١٥٦٨ (أحمد) ٢١٤٤٦ و ٢٠٢٦٠ و ٢٠٢٦٣.
المسألة الثالثة: في اختلاف أهل العلم في حكم المشي بين القبور بالنعال:
قال ابن قدامة -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- في "المغني": قال أحمد: إسناد حديث بشير ابن الخصاصية جيّد، أذهب إليه؛ إلا من علة. وتقدم أن صاحب الحاوي من الشافعية قال بمثله. وذهب المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- إلى أن النهي عن المشي بين القبور بالنعال خاصّ بالسبتيتين، فقط، جمعا بين حديث الباب، وحديث الباب التالي، وبنحو قوله هذا قال أبو محمد ابن حزم -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، فقال في كتابه "المحلّى": لا يحلّ لأحد أن يمشي بين القبور بنعلين سبتيّتين، وساق حديث الباب، من طريق المصنّف بلفظه، وساقه أيضًا من طريق سليمان بن حرب، عن الأسود بن شيبان، كما تقدم قال:"إذا كنت في مثل هذا المكان، فاخلع نعليك … ".
قال: فإن قيل: هلّا منعتم من كل نعل؟ لعموم قوله:"فاخلع نعليك". قلنا: منع من ذلك وجهان:
"أحدهما": أنه - عليه السلام - إنما دعا صاحب السبتيّتين بنصّ كلامه، ثم أمره بخلع نعليه. "والثاني": ما حدثناه عبد اللَّه بن ربيع، ثم ساق بسنده حديث الباب التالي، من طريق المصنّف، قال: فهذا إخبار منه - عليه السلام - بما يكون بعده، وأن الناس من المسلمين، سيلبسون النعال في مدافن الموتى إلى يوم القيامة، ولم ينه عنه، والأخبار لا تُنسخ أصلا، فصحّ إباحة لباس النعال في المقابر، ووجب استثناء السبتية منها لنصه - عليه السلام - عليها انتهى (١).
وذهب الجمهور إلى عدم كراهة لبس النعال مطلقًا، محتجّين بحدث أنس - رضي اللَّه عنه - الآتي في الباب التالي، وأجابوا عن حديث الباب بأنه إنما أمره بالخلع لاحتمال أن يكون بهما قَذَر، أو لاختياله بهما؛ لأن النعال السبتية إنما يلبسها أهل الترفه، والتنعّم، فأحبّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أن يكون دخول المقابر على زيّ التواضع.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الأرجح عندي أن لا يُمشَى بين القبور بالنعال مطلقا، لعموم النصّ، وأما ما ذهب إليه المصنّف، وابن حزم من تخصيص السبتية، تعلّقًا بلفظ "يا صاحب السبتيتين"، فجعلا علة النهي كونهما سبتيتين، ففيه نظر لا يخفى؛ لأن