للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالقرظ، تحُذَى منه النعال السبتيّة. وقال الأصمعيّ: السِّبتُ الجلد المدبوغ، قال: فإن كان عليه شَعَرٌ، أو صوفٌ، أو وَبَرَ، فهو مُصْحَبٌ. وقال أبو عمرو: النعال السبتيّة: هي المدبوغة بالقَرَظ. وقال الأزهريّ: وحديث النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - يدلّ على أن السِّبْت ما لا شعر عليه، وفي الحديث: "أن عُبيد ابن جُريج قال لابن عمر: رأيتك تَلبسُ النعال السبتيّة، فقال: رأيت النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - يلبس النعال التي ليس عليها شعر، ويتوضأ فيها، فأنا أُحبّ أن ألبسها". قال: إنما اعترض عليه؛ لأنها نعال أهل النعمة والسَّعَة، قال الأزهريّ: كأنها سمّيت سبتيّة؛ لأن شعرها قد سُبِتَ عنها، أي حُلق، وأزيل بعلاج من الدباغ، معلومٍ عند دبّاغها. وقال ابن الأعرابيّ: سميت النعال المدبوغة سِبْتِيّةً (١)؛ لأنها انسبتت بالدباغ، أي لانت. وفي تسمية النعل المتخذة من السَّبْت سِبْتًا اتساعٌ، مثل قولهم: فلانٌ يلبس الصوف، والقطن، والإبرَيْسَمَ، أي الثياب المتخذة منها، ويروى سبتيّتين، على النسب. انتهى كلام ابن منظور -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- ببعض تصرف (٢).

وقال في "الفتح": "السبتيّة": بكسر السين المهملة، وسكون الموحّدة: هي التي لا شعر فيها، مشتقّة من السَّبْت، وهي الحلق. قاله في "التهذيب". وقيل: السبت جلد البقر المدبوغ بالقَرَظ. وقيل: بالسَّبْت -بضم أوله- وهو نبت يُدبغ به. قاله صاحب "المنتهى". وقال الهَرَويّ: قيل لها: سبتيّة لأنها انسبتت بالدباغ: أي لانت به، يقال: رطبة منسبتة: أي ليّنة انتهى (٣).

(أَلْقِهِمَا) أي ارم سبتيّتيك، زافي رواية أبي داود: "فنظر الرجل، فلما عرف رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - خلعهما، فرمى بهما". وإنما أمر - صلى اللَّه عليه وسلم - بخلعهما، احتراما للمقابر، ولذا قال الإمام أحمد، وصاحب الحاوي، من الشافعيّة: يكره المشي في المقابر بالنعل، مطلقًا، ويسنّ خلعه، إذا دخلها، إلا لضرورة، كخوف نجاسة، أو شوك، أو حرارة أرض. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته: حديث بشير ابن الخصاصية - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا صحيح (٤).


(١) - لعل الصواب "سِبْتًا" كما يدلّ عليه كلامه الآتي. واللَّه أعلم.
(٢) - "لسان العرب" في مادة سبت.
(٣) - "فتح" ج ١ ص ٣٦١ "كتاب الوضوء" رقم الحديث ١٦٦.
(٤) - وأما تحسين بعضهم له فمن أجل خالد بن سُمير، حيث قال في: "ت" عنه: صدوق يهم قليلا. والصواب أنه صحيح، فقد وثّقه النسائيّ، وغيره، ممن يتشدّد في التوثيق، وأما وهمه فقد بينه في "تت" بأنه أخطأ في لفظة واحدة، فتنبّه.