قُولُوا: «اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ, وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ, وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ, وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ».
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد تقدّموا غير مرّة، وشرح الحديث يعلم من شرح حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -.
والحديث أخرجه المصنّف هنا -١١٥/ ٢٠٦٣ و ٥٥١٢ - وفي "الكبرى" ١١٥/ ٢١٩٠. وأخرجه (م) ٥٩٠ (د) ٩٨٤ (ت) ٣٤٩٤ (ق) ٣٨٤٠ (أحمد) ٢١٦٩ و ٢٧٧٤ و ٢٨٣٤ (الموطأ) ٤٩٩. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٢٠٦٤ - أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ, عَنِ ابْنِ وَهْبٍ, قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ, عَنِ ابْنِ شِهَابٍ, قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ, أَنَّ عَائِشَةَ, قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, وَعِنْدِي امْرَأَةٌ مِنَ الْيَهُودِ, وَهِيَ تَقُولُ: إِنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ, فَارْتَاعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - وَقَالَ «إِنَّمَا تُفْتَنُ يَهُودُ» , وَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَبِثْنَا لَيَالِيَ, ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «إِنَّهُ أُوحِيَ إِلَيَّ, أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ». قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - بَعْدُ, يَسْتَعِيذُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ.
رجال هذا الإسناد: ستة، تقدموا كلهم قبل حديثين، وذكرت هناك لطائف الإسناد أيضًا، فراجعه تستفد. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
عن عائشة - رضي اللَّه عنها - أنها (قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وَعِنْدِي امْرَأَةٌ، مِنَ الْيَهُودِ) وفي الرواية الآتية بعد حديث: "دخلت يهودية عليها، فاستوهبتها شيئًا، فوهبت لها عائشة … "، وفي الرواية التي بعدها: "قالت: دخلت عليّ عجوزتان من عجوز يهود المدينة، فقالتا: إن أهل القبور يعذبون في قبورهم … "، ولا تنافي بين الروايتين، إذ يمكن أن إحداهما تكلمت، وأقرّتها الأخرى على ذلك، فنسبت القول إليهما مجازًا، والإفراد يُحمل على المتكلّمة، أفاده الحافظ، وقال: لم أقف على اسم واحدة منهما. (وَهِيَ تَقُولُ: إِنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ، فَارْتَاعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) من الارتياع: وهو الفزع، والمراد أنه صار ذلك الكلام عنده بمنزلة خبر، لم يَسبِق له به علم، ويكون شنيعًا منكرًا، ثم ردّه بقوله: "إنما تُفتن اليهود الخ" بناءً على أنه ما أوحي إليه قبل ذلك، ومقتضى الظاهر أنه لو كان لأوحي إليه، فليس هذا من باب الإنكار بمجرد عدم الدليل، بل لقيام أمارةٍ مّا على العدم أيضًا، وفيه أنه يجوز إنكار ما لا يثبت إلا بدليل، إذا لم يقم