البخاريّ في "الجمعة": "لما قال: أما بعد، لغط نسوة من الأنصار، وأنها ذهبت لتسكتهن، فاستفهمت عائشة عما قال".
قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: يجمع بين مختلف الروايات أنها احتاجت إلى الاستفهام مرتين، وأنه لما حدثت فاطمةَ لم تبيّن لها الاستفهام الثاني. قال: ولم أقف على اسم الرجل الذي استفهمت منه عن ذلك إلى الآن.
ولأحمد من طريق محمد بن المنكدر، عن أسماء، مرفوعًا: "إذا دخل الإنسان قبره، فإن كان مؤمنًا، احتَفَّ به عمله، فيأتيه الملك، فتردّه الصلاة، والصيام، فيناديه الملك: اجلس، فيجلس، فيقول: ما تقول في هذا الرجل محمد؟ قال: أشهد أنه رسول اللَّه، قال: على ذلك عشتَ، وعليه متّ، وعليه تُبعث … " الحديث.
(أَيْ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ) وفي "الكبرى": "أن بارك اللَّه فيك"، وإنما دعت له بالبركة؛ تبجيلاً له، وتمهيدًا لسؤالها، وهكذا ينبغي للسائل أن يقدّم قبل سؤاله ما يدلّ على تبجيل العالم، وتعظيمه، من الدعاء له، وندائه بما يُحبّ أن ينادى به. واللَّه تعالى أعلم.
(مَاذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -:، فِي آخِرِ قَوْلِهِ؟ قَالَ) حذف منه أحد القولين، أي قال ذلك الرجل: قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - (قَدْ أُوحِيَ إِلَيَّ، أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ) قال في "النهاية": يريد مسألة منكر ونكير، من الفتنة، وهي الامتحان، والاختبار انتهى (١).
(قَرِيبًا مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ ") قال الكرمانيّ: وجه التشبيه بين الفتنتين الشدّة، والهول، والعموم انتهى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلقان بهذا الحديث:
المسألة الأولى: في درجته: حديث أسماء بنت أبي بكر - رضي اللَّه عنهما - هذا متفق عليه.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -١١٥/ ٢٥٦٣ - وفي "الكبرى" ١١٥/ ٢١٨٩. وأخرجه (خ) ٨٦ و ١٠٥٤ و ١٣٧٣ و ٧٢٨٧ (م) ٩٠٥ (أحمد) ٢٦٣٨٥ و ٢٦٤٥٢ (الموطأ) ٤٤٧. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٢٠٦٣ - أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ, عَنْ مَالِكٍ, عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ, عَنْ طَاوُسٍ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, كَانَ يُعَلِّمُهُمْ هَذَا الدُّعَاءَ, كَمَا يُعَلِّمُهُمُ السُّورَةَ, مِنَ الْقُرْآنِ,
(١) - "النهاية" ج ٣ ص ٤١٠.