للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

من خالف في هذا الحديث. وباللَّه تعالى التوفيق. انتهى (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الحاصل أن الحديث موصولاً صحيح، ولا يضرّه كونه منقطعا عند هؤلاء؛ لأن الذين وصلوه ليسوا بدون الذين رووه منقطعًا، بل هم أعلى منهم، كما قال أبو عمر، فإن مالكًا مقدّم على غيره في الزهريّ. واللَّه تعالى أعلم.

(أَنَّ أَبّاهُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ) - رضي اللَّه عنه - (كانَ يُحَدِّثُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، قَالَ: "إِنَّمَا نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ) بفتحتين: أي روحه. قال أبو عمر -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: النسمة ههنا الروح، يدلّ على ذلك قوله - صلى اللَّه عليه وسلم - في الحديث نفسه: "حتى يرجعه اللَّه إلى جسده، يوم القيامة". وقيل: النسمة: الروح والنفس، والبدن، وأصل هذه اللفظة -أعني النسمة- الإنسان بعينه، وإنما قيل للروح نسمة -اللَّه أعلم- لأن حياة الإنسان بروحه، وإذا فارقه عُدم، أو صار كالمعدوم. والدليل على أن النسمة الإنسان قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "من أعتق نسمة

مؤمنة … ". وقول عليّ - رضي اللَّه عنه -: "والذي فَلَق الحبّة، وبرأ النسمة … ". وقول الشاعر [من المتقارب]:

بِأَعْظَمَ مِنْكَ تُقًى (٢) فِي الحِسَابِ … إِذَا النَّسَمَاتُ نَفَضْنَ الْغُبَارَا

يعني إذا بعث الناس من قبورهم يوم القيامة. وقال الخليل بن أحمد: النسمة الإنسان، قال: والنسمة نفس الروح، والنسيم هبوب الريح. انتهى (٣).

قال الشيخ عز الدين ابن عبد السلام: هذا العموم محمول على المجاهدين انتهى.

وقال القرطبيّ: هذا الحديث ونحوه محمول على الشهداء، وأما غيرهم، فتارة تكون في السماء، لا في الجّنة، وتارة تكون على أفنية القبور، قال: ولا يتعجل الأكل، والنعيم لأحد إلا للشهيد في سبيل اللَّه، بإجماع من الأمة، حكاه القاضي أبو بكر بن العربيّ في "شرح الترمذيّ"، وغير الشهداء بخلاف هذا الوصف، إنما يُملأ عليه قبره، وُيفسح له فيه انتهى.

وقال السيوطي في "شرحه": وقد ورد التصريح بأن هذا الحديث في الشهداء في


(١) - "التمهيد" ج ١١/ ٥٦ - ٥٨ ..
(٢) - وفي "التمهيد" "يقي الحساب"، وفي نسخة منه "تقي في الحساب"، وما هنا هو الذي في "لسان العرب".
(٣) - "التمهيد" ١١ ص ٥٨ - ٥٩.