(مَا أَخْطَئؤوا تِيكَ) اسم إشارة للمؤنثة البعيدة، أي تلك المواضع التي أشار إليها النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أنها مصارعهم (فَجُعِلُوا فِي بِئْرٍ) بالبناء للمفعول، وفي رواية مسلم، من طريق حماد ابن سلمة، عن ثابت:"ثم أَمَرَ بهم فسُحِبُوا فأُلْقُوا في قليب بدر" (فَأَتَاهُمُ النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فَنَادَى:"يَا فُلَانُ ابْنَ فُلَانِ، يَا فُلَانُ ابْنَ فُلَانٍ) برفع "فلان" الأول؛ لأنه نكرة مقصودة، وأما لفظة "ابن" فمنصوبة لا غير؛ لكونها مضافة، وقد أشار ابن مالك إلى هذا في "الخلاصة" حيث قال:
(هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا) أي من الذلّ، والهوان، والكآبة، والخيبة، والخسران، والعذاب الأليم، حيث قال تعالى:{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ}[آل عمران: ١٢].
وفي رواية حميد التالية، عن أنس - رضي اللَّه عنه -، قال: سمع المسلمون من الليل ببئر بدر، ورسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - قائم، ينادي: "يا أبا جهل بن هشام، ويا شيبة بن ربيعة، ويا عُتبة بن ربيعة، ويا أميّة بن خلف". وأخرجه ابن إسحاق، وأحمد، وغيرهما، وكذا وقع عند أحمد، ومسلم، من طريق ثابت، عن أنس، فسمّى الأربعة، لكن قدّم، وأخّر، وسياقه أتم، قال في أوله: "تركتهم ثلاثة أيام حتى جيّفوا"، فذكره، وفيه من الزيادة: "فسمع عمر صوته، فقال: يا رسول اللَّه، أتناديهم بعد ثلاث، وهل يسمعون، ويقول اللَّه تعالى:{إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى}[النمل: ٨٠]، فقال:"والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، لكن لا يستطيعون أن يُجيبوا".
قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: وفي بعضه نظر، لأن أميّة بن خلف لم يكن في القليب؛ لأنه كان ضخما، فانتفخ، فأَلقَوا عليه من الحجارة، والتراب ما غيّبه. وقد أخرج ذلك ابن إسحاق من حديث عائشة - رضي اللَّه عنها -، لكن يُجمع بينهما بأنه كان قريبًا من القليب، فنودي فيمن نودي؛ لكونه كان من جملة رؤسائهم.
ومن رؤساء قريش، ممن يصحّ إلحاقه بمن سُمّي، من بني عبد شمس بن عبد مناف: عبيدة، والعاص، والد أحيحة، وسعيد بن العاص بن أُميّة، وحنظلة بن أبي سفيان، والوليد ابن عتبة بن ربيعة. ومن بني نوفل بن عبد مناف: الحارث بن عامر بن نوفل، وطُعيمة بن عديّ. ومن سائر قريش: نوفل بن خُويلد بن أسد، وزمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد، وأخوه عقيل، والعاصي بن هشام، أخو أبي جهل، وأبو قيس بن الوليد، أخو خالد، ونُبيه، ومنبّه ابنا الحجّاج السهميّ، وعليّ بن أميّة بن خلَف، وعمرو بن عثمان، عم طلحة أحد