للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث

(عَنْ أَنَسٍ) - رضي اللَّه عنه -، أنه (قَالَ: كُنَّا مَعَ عُمَرَ) - رضي اللَّه عنه - (بَينَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، أَخَذَ) أي شرع، وبدأ (يُحَدِّثُنَا، عَنْ أَهْلِ بَدْرٍ) أي شأن كفّار قريش الذين قُتلوا في معركة بدر الكبرى.

وقد ساق البخاريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- هذه القصّة من حديث أنس - رضي اللَّه عنه - مطوّلاً، فقال:

٣٩٧٦ - حدثني عبد اللَّه بن محمد، سمع روح بن عبادة، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، قال: ذكر لنا أنس بن مالك، عن أبي طلحة، أن نبي اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، أمر يوم بدر، بأربعة وعشرين رجلا، من صناديد قريش، فقُذِفُوا في طَوِيّ، من أطواء بدر (١)، خَبِيثٍ مُخبِثٍ، وكان إذا ظهر على قوم، أقام بالعرصة، ثلاث ليال، فلما كان ببدر اليوم الثالث، أَمر براحلته، فشُدَّ عليها رحلها، ثم مشى، واتبعه أصحابه، وقالوا: ما نُرَى ينطلق إلا لبعض حاجته، حتى قام على شَفَة الرَّكِيّ (٢)، فجعل يناديهم بأسمائهم، وأسماء آبائهم، يا فلان بن فلان، ويا فلان بن فلان، أيسركم، أنكم أطعتم اللَّه ورسوله، فإنا قد وجدنا، ما وعدنا ربنا حقا، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا، قال: فقال عمر: يا رسول اللَّه، ما تكلم من أجساد، لا أرواح لها، فقال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "والذي نفس محمد بيده، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم". قال قتادة: أحياهم اللَّه، حتى أسمعهم قوله، توبيخا، وتصغيرا، ونقيمة، وحسرة، وندما. انتهى (٣).

(فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، لَيُرِينَا) بفتح اللام، وهي لام الابتداء التي تقع بعد "إنّ" المكسورة الهمزة، كما قال ابن مالك -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- في "خلاصته":

يوَبَعْدَ ذَاتِ الْكَسْرِ تَصْحَبُ الْخَبَرْ … لَامُ ابْتِدَاءٍ نَحْوُ إِنِّي لَوَزَرْ

(مَصَارِعَهُمْ) جمع مَصْرَع، كمَقْعَد: محلّ الصَّرْع، أي الرح على الأرض، والمراد هنا مواضع قتلهم، أي المواضع التي قُتلوا فيها، والضمير للكفار (بِالْأَمْسِ) أي أمس يوم القتل، يعني اليوم الذي قبل يوم قتلهم (قَالَ: "هَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ غَدًا"، قَالَ: عُمَرُ) بن الخطّاب - صلى اللَّه عليه وسلم - (وَالَّذِي بَعَثَهُ بِالحَقِّ) أي أرسل النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وهو اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-


(١) - الأطواء جمع طَويّ، وهي البئر التي طُويت، وبنيت بالحجارة، لتثبت، ولا تنهار.
(٢) - الركيّ بفتح الراء، وكسر الكاف، وتشديد آخره: البئر قبل أن تُطوى. ويجمع بينه، وبين ما تقدم، من أنها طَوِيّ بأنها كانت مطوية، فاستهدمت، فصارت كالركيّ. اهـ "فتح" ج ٨ ص ٣٢. "كتاب المغازي".
(٣) - "صحيح البخاري" ج ٨ ص ٣١ بنسخة "الفتح"، "كتاب المغازي"، رقم ٣٩٧٦.