للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حقّ، وملك الذلك الغير، لا له، لكن هذا لا يمنع أن ينتفع بسعي غيره، كما ينتفع الرجل بكسب غيره انتهى (١).

وقال أيضًا: وأما احتجاج بعضهم بقوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: ٣٩] فيقال له: قد ثبت بالسنة المتواترة، وإجماع الأمة أنه يصلى عليه، ويُدعى له، ويستغفر له، وهذا من سعي غيره، وكذلك قد ثبت ما سلف من أنه ينتفع بالصدقة عنه، والعتق، وهو من سعي غيره، وما كان من جوابهم في موارد الإجماع فهو جواب الباقين في مواقع النزاع انتهى (٢).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي قاله شيخ الإسلام -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- حسنٌ جدًّا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٢٠٧٤ - أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى, قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ, وَهُوَ ابْنُ الْمُغِيرَةِ, قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ, عَنْ أَنَسٍ, قَالَ: كُنَّا مَعَ عُمَرَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ, أَخَذَ يُحَدِّثُنَا, عَنْ أَهْلِ بَدْرٍ, فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, لَيُرِينَا مَصَارِعَهُمْ بِالأَمْسِ, قَالَ: «هَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ, إِنْ شَاءَ اللَّهُ غَدًا». قَالَ عُمَرُ: وَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ, مَا أَخْطَئُوا تِيكَ, فَجُعِلُوا فِي بِئْرٍ, فَأَتَاهُمُ النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَنَادَى: «يَا فُلَانُ بْنَ فُلَانٍ, يَا فُلَانُ بْنَ فُلَانٍ, هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا, فَإِنِّي وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِي اللَّهُ حَقًّا» , فَقَالَ عُمَرُ: تُكَلِّمُ أَجْسَادًا لَا أَرْوَاحَ فِيهَا؟ فَقَالَ: «مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ».

رجال هذا الإسناد: خمسة:

١ - (عمرو بن علي) الفلاس الصيرفي، أبو حفص البصري، ثقة ثبت [١٠] ٤/ ٤.

٢ - (يحيى) بن سعيد القطان، أبو سعيد البصري ثقة ثبت حجة [٩] ٤/ ٤.

٣ - (سليمان بن المغيرة) القيسيُّ مولاهم، أبو سعيد البصري، ثقة [٧] ٥٣/ ٦١٦.

٤ - (ثابت) بن أسلم البناني، أبو محمد البصري، ثقة عابد [٤] ٤٥/ ٥٣.

٥ - (أنس) بن مالك الصحابي الجليل - رضي اللَّه عنه - ٦/ ٦، واللَّه تعالى أعلم.

لطائف هذا الإسناد:

(منها): أنه من خماسيات المصنف -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح. (ومنها): أنه مسلسل بالبصريين، وأن شيخه أحد مشايخ الأئمة الستة الذين يروون عنهم بلا واسطة، وفيه أنس - رضي اللَّه عنه - أحد المكثرين السبعة، من الصحابة - رضي اللَّه عنهم -، روى (٢٢٨٦) حديثًا، وهو آخر من مات من الصحابة بالبصرة. واللَّه تعالى أعلم.


(١) - مجموع الفتاوى ج ٢٤ ص ٣١٢.
(٢) - مجموع الفتاوى ج ٢٤ ص ٣٦٦ - ٣٦٧.