للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أبيه، وتابعي، عن تابعي وفيه ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما - من المكثرين السبعة، والعبادلة الأربعة. واللَّه تعالى أعلم

شرح الحديث

(عَنِ ابْنِ عُمَرَ) - رضي اللَّه تعالى عنهما - (أَنَّ النَّبِيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وَقَفَ عَلَى قَلِيبِ بَدْرٍ) بفتح القاف، وكسر اللام: البئر، وهو مذكّر، قال الأزهريّ: القَلِيب عند العرب البئر العاديّة القديمة، مطويّةً، كانت، أو غير مطويّة، والجمع قُلُبٌ، مثلُ بَرِيد وبُرُد. قاله في "المصباح" (فَقَالَ:: "هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟) أي من العذاب (قَالَ: "إِنَّهُمْ لَيَسْمَعُونَ الآنَ) أي في الوقت الحاضر (مَا أَقُولُ لَهُمْ) أي من التوحيد، وشرائع الإسلام (فَذُكرَ ذَلِكَ) أي ما قاله ابن عمر - رضي اللَّه عنهما -، مما نقله عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - (لِعَائِشَةَ) - رضي اللَّه تعالى - عنها (فَقَالَتْ: وَهِلَ ابْنُ عُمَرَ) بفتح الواو، وكسر الهاء، يقال: وَهِلِ عن الشيء، وفيه، من باب تَعِب: إذا غلِطَ فيه. وأما وَهَلَ إليه، بفتح الهاء، من باب وَعَد: إذا ذهب وَهْمُهُ إليه، وهو يريد غيره، فلا يناسب هنا. واللَّه تعالى أعلم (إِنَّمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "إِنَّهُمُ الْآنَ يَعْلَمُونَ، أَنَّ الَّذِي كُنْتُ أَقُولُ لَهُمْ، هُوَ الحَقُّ) تعني بذلك نفي سماع الموتى كلام الأحياء، ولذا استدلت بالآية، كما قال (ثُمَّ قَرَأَتْ قَوْلَهُ: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} حَتَّى قَرَأَتِ الْآيَةَ) أي حتى قرأت الآية المذكورة بتمامها.

قال في "الفتح": وهذا مصير من عائشة إلى ردّ رواية ابن عمر المذكورة، وقد خالفها الجمهور في ذلك، وقبلوا حديث ابن عمر؛ لموافقة من رواه غيره عليه. وأما استدلالها بقوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} فقالوا: معناها لا تُسمِعهم سماعًا ينفعهم، أو لا تُسمعهم إلا أن يشاء اللَّه.

وقال السهيليّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: عائشة - رضي اللَّه عنها - لم تحضر قول النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فغيرها ممن حضر أحفظ للفظ النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وقد قالوا له: يا رسول اللَّه أتخاطب قومًا قد جَيَّفُوا؟، فقال: ما أنتم بأسمع لما أقول منهم. قال: واذا جاز أن يكونوا في تلك الحال عالمين جاز أن يكونوا سامعين، إما بآذان رؤوسهم، كما هو قول الجمهور، أو بآذان الروح على رأي من يوجّه السؤال إلى الروح، من غير رجوع إلى الجسد. قال: وأما الآية، فإنها كقوله تعالى: {أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْي} [الزخرف: ٤٠]: أي إن اللَّه هو الذي يسمع، ويهدي انتهى.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: وقوله: إنها لم تحضر صحيح، لكن لا يقدح ذلك في روايتها؛ لأنه مرسل صحابيّ، وهو محمول على أنها سمعت ذلك ممن حضره، أو من النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - بعدُ، ولو كان ذلك قادحًا في روايتها لقدح في رواية ابن عمر، فإنه لم يحضر