بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
المسألة الأولى: في درجته: حديث ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما - هذا متفق عليه.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -١١٧/ ٢٠٧٦ - وفي "الكبرى" ١١٧/ ٢٢٥٣. وأخرجه (خ) ١٣٧٠ و ٣٩٨ و ٤٠٢٦ (م) ٩٣٢ (أحمد) ٤٨٤٩ و ٤٩٣٨ و ٦١١٠. واللَّه تعالى أعلم.
المسألة الثالثة: دل هذا الحديث على أن الموتى يسمعون كلام الأحياء، وأنكرت ذلك عائشة - رضي اللَّه عنها -، محتجّة بآية:{إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى}، وقد عرفت جواب أهل العلم عن هذه الآية، فالحقّ أنهم يسمعون كلامهم سماعًا حقيقيّا.
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- هل يسمع الميت كلام زائره؟ فأجاب قائلاً: نعم يسمع الميت في الجملة، كما ثبت في "الصحيحين" عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أنه قال:"يسمع خفق نعالهم حين يولون عنه". وثبت عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه ترك قتلى بدر ثلاثا، ثم أتاهم، فقال: يا أبا جهل بن هشام .... الحديث، وفيه:"والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا". قال: وقد ثبت في "الصحيحين" من غير وجه أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - كان يأمر بالسلام على أهل القبور، ويقول:"قولوا: السلام عليكم أهل الديار .... الحديث. قال: فهذا خطاب لهم، وإنما يُخاطب من يسمع. ورَوَى ابن عبد البرّ عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أنه قال: "ما من رجل يمرّ بقبر رجل كان يعرفه في الدنيا، فيسلم عليه إلا ردّ اللَّه عليه روحه حتى يردّ - عليه السلام -". قال: وفي "السنن" أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - قال: أكثروا من الصلاة عليّ يوم الجمعة، وليلة الجمعة، فإن صلاتكم معروضة عليّ .... " الحديث.
قال: فهذه النصوص، وأمثالها تبيّن أن الميت يسمع في الجملة كلام الحيّ، ولا يجب أن يكون السمع له دائمًا، بل قد يسمع في حال دون حال، كما قد يَعرض للحيّ، فإنه قد يسمع أحيانًا خطاب من يخاطبه، وقد لا يسمع لعارض يَعرِض له، وهذا السمع سمع إدراك، ليس يترتّب عليه جزاء، ولا هو السمع المنفيّ بقوله تعالى:{إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى}، فإن المراد بذلك سمع القبول والامتثال، فإن اللَّه جعل الكافر كالميت الذي لا يستجيب لمن دعاه، وكالبهائم التي تسمع الصوت، ولا تفقه المعنى، فالميت، وإن سمع الكلام، وفقه المعنى، فإنه لا يمكنه إجابة الداعي، ولا امتثال ما أُمِر به، ونُهي عنه، فلا ينتفع بالأمر والنهي، وكذلك الكافر لا ينتفع بالأمر والنهي، وإن سمع الخطاب، وفهم المعنى، كما قال تعالى:{وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ} الآية [الأنفال: ٢٣]. انتهى كلام شيخ