للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يقال: صدَقني فلان بتخفيف الفاء: أي قال لي الصدقَ. أفاده في "اللسان". وفي "المجمع": "الصادق" من صَدَق في قوله، وتحرّاه في فعله، و"المصدوق" من صَدَقَه غيره. أي صَدَقَه جبريل فيما أخبره به، أو مُصَدَّق من عند الناس انتهى (١) (- صلى اللَّه عليه وسلم - حَدَّثَنِي: "أَنَّ النَّاسَ يُحْشَرُونَ) قال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: المراد بالحشر هنا ما في قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "أول أشراط الساعة نار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب وقوله: "ستخرج نار من نحو حضرموت، تحشر الناس قلنا: يا رسول اللَّه، فما تأمرنا؟، قال: "عليكم بالشام" انتهى (٢) (ثَلَاَثةَ أَفْوَاجٍ) جمع فوج، كثوب وأثواب: هم الجماعة من الناس (فَوْج) قال أبو البقاء -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: "فوج" الأول بالجرّ على البدل مما قبله، و"راكبين" نعت له، ويجوز أن يروى "فوجٌ" بالرفع، أي يُحشر منهم فوج، وتكون "راكبين" حالاً، وأما "فوج" الثاني، والثالث، فالرفع فيه أقرب، من رفع الأول؛ لأنه ليس هناك مجرور يقوّي جرّه انتهى.

(رَاكبينَ، طَاعِمِينَ، كاسِينَ) قال الطيبيّ: -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: هو عبارة عن كونهم مُرْهَفين؛ لإعدادهم ما يبلغهم إلى القصد، من الزاد، والراحلة (وَفَوْجٍ تَسْحَبُهُمُ المَلَائِكَةُ) أي تجرّهم (عَلَى وُجُوهِهِمْ) هو إما على حقيقته، وإما كناية عن كمال هوانهم وذلهم، والأول أظهر لدلالة السِّبَاق واللِّحَاق عليه. قاله القاري (وَتحشُرُهُمُ النَّارُ) برفع "النار" على الفاعلية، أي تسوقهم النار إلى المحشر.

ووقع في "المشكاة" "وتحشر النار". فقال القاري: بنصب "النار" في أصل السيّد، وأكثر النسخ، وفي نسخة برفعها، وفي نسخة صحيحة "وتحشرهم النار" بالضمير، مع نصب النار على نزع الخافض، أي إليها، ومع رفعها على الفاعلية. وقال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: أي تحشر الملائكة لهم النار، وتلزمهم إياها، حتى لا تفارقهم أين باتوا، وأين قالوا، وأصبحوا، ويصحّ أن ترفع "النار" أي وتحشرهم النار انتهى.

ولفظ أحمد: "وتحشرهم إلى النار" بزيادة "إلى"، وعلى هذا فالفاعل هم الملائكة، أي تسوقهم الملائكة إلى النار ليلزموها، ولا يفارقوها، كما قال الطيبيّ (وَفَوْجٌ يَمْشُونَ، وَيَسْعَوْنَ) من السعي، أي يَجْرُون في الأرض من شدّة المشي، ولا يمشون بسكينة وراحة (يُلْقِي اللَّهُ الْآفَةَ) أي آفة الموت (عَلَى الظَّهْرِ) أي الإبل التي تركب، من إطلاق الجزء وإرادة الكلّ، وإنما خصّ الظهر لأنه محل الركوب. واللَّه تعالى أعلم.

وفي رواية أحمد: "وفوج يمشون، ويسعون، وفوج تسحبهم الملائكة على


(١) - "مجمع بحار الأنوار" ج ٣ ص ٣٠٦.
(٢) - "المرقاة" ج ٩ ص ٤٨٧.