القسم المنفيّ بالنون، على حدّ قول الشاعر [من البسيط]:
تَاللَّهِ لَا يُحْمَدَنَّ الْمَرْءُ مُجْتَنِبَا … فِعْلَ الْكرَامِ وَلَوْ فَاقَ الْوَرَى حَسَبَا
وهو قليل. بل قيل: إنه شاذٌ، أو ضرورة. وفي نسخة، وهو الذي في "الكبرى" "لا أزيد" بدون توكيد، وهو المشهور رواية، ولغة. واللَّه تعالى أعلم.
(عَلَيْهِنَّ شَيْئًا، وَلَا أَنْقُصُ) وفي نسخة: "ولا أنتقص".
فإن قيل: فكيف أقرّه على حلفه، وقد ورد النكير على من حلف أن لا يفعل خيرًا؟ أجيب: بأن ذلك مختلف باختلاف الأحوال والأشخاص، وهذا جار على الأصل بأنه لا إثم على غير تارك الفرائض، وقيل: غير ذلك (١).
(فَلَمَّا وَلَّى، قالَ النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: (لَئِنْ صَدَقَ، لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ") أي إن صدق في دعواه قبول الإسلام، وحلفه على التزامه ليكونن جزاؤه الجنة، بمقتضى الوعد السابق، حيث قال اللَّه تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا} الآية [التوبة: ٧٢]. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
المسألة الأولى: في درجته:
حديث أنس - رضي اللَّه عنه - هذا متفق عليه.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا - ١/ ٢٠٩١ و ٢٠٩٢ و ٢٠٩٣ - وفي "الكبرى" ١/ ٢٤٠١ و ٢٤٠٢ و٢٤٠٣ وأخرجه (خ) ٦١ (م) ١٣ (د) ٤١١ (ت) ٥٦٢ (ق) ١٣٩٢ (أحمد) ٢٢٥٨ (الدارمي) ٦٤٨. واللَّه تعالى أعلم.
المسألة الثالثة: في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو وجوب الصيام (ومنها): أن صوم رمضان يتكرّر كلَّ سنة (ومنها): أن الصلوات الخمس متكرّرة في كلّ يوم وليلة، لقوله: "في كل يوم وليلة".
(ومنها): ما قاله الشيخ أبو عمرو بن الصلاح -رحمه اللَّه تعالى-: فيه دلالة لصحّة ما ذهب إليه أئمة العلماء، من أن العوامّ المقلدين مؤمنون، وأنه يُكتَفَى منهم بمجرّد اعتقاد الحقّ جزمًا، من غير شك وتزلزل؛ خلافًا لمن أنكر ذلك من المعتزلة، وذلك أنه - صلى اللَّه عليه وسلم -
(١) - انظر (الفتح) ج ١ ص ١٤٩.