للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لا في إسقاط الفرض عن الذمّة، فإن فريضة الحجّ لا تسقط بأداء العمرة إجماعَا.

قال الإمام ابن خزيمة -رحمه اللَّه تعالى-: في هذا الحديث أن الشيء يشبه الشيء، ويجعل عدله إذا أشبهه في بعض المعاني، لا جميعها، لأنّ العمرة لا يُقضَى بها فرض الحجّ ولا النذر.

وقال ابن بطّال: فيه دليل على أن الحجّ الذي ندبها إليه كان تطوّعًا لإجماع الأمة على أن العمرة لا تجزئ عن حجة الفريضة.

وتعقبّه ابن المنيّر بأن الحجة المذكورة هي حجة الوداع، قال: وكانت أول حجة أقيمت في الإسلام فرضًا؛ لأن حجّ أبي بكر كان إنذارًا، قال: فعلى هذا يستحيل أن تكون تلك المرأة كانت قامت بوظيفة الحجّ.

واعترض عليه الحافظ بأن ما قاله غير مسلّم، إذ لا مانع أن تكون حجت مع أبي بكر، وسقط عنها الفرض بذلك، لكنه بني على أن الحجّ إنما فُرض في السنّة العاشرة حتى يسلم مما يرد على مذهبه من القول بأن الحجّ على الفور، وعلى ما قاله ابن خزيمة فلا يحتاج إلى شيء مما بحثه ابن بطّال.

فالحاصل أنه أعلمها أن العمرة في رمضان تعدل الحجّة في الثواب، لا أنها تقوم مقامها في إسقاط الفرض؛ للإجماع على أن الاعتمار لا يجزئ عن حجّ الفرض.

ونقل الترمذيّ عن إسحاق بن راهويه أن معنى الحديث نظير ما جاء أن {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تعدل ثلث القرآن.

وقال ابن العربيّ: حديث العمرة هذا صحيح، وهو فضل من اللَّه ونعمة، فقد أدركت العمرة منزلة الحجّ بانضمام رمضان إليها. وقال ابن الجوزي: فيه أن ثواب العمل يزيد بزيادة شرف الوقت، كما يزيد بحضور القلب، وبخلوص القصد. وقال غيره: يحتمل أن يكون المراد عمرة فريضة في رمضان كحجة فريضة، وعمرة نافلة في رمضان كحجة نافلة. وقال ابن التين: قوله:"كحجة" يحتمل أن يكون على بابه. ويحمل أن يكون لبركة رمضان. ويحتمل أن يكون مخصوصًا بهذه المرأة.

قال الحافظ: الثالث قال به بعض المتقدّمين، ففي رواية أحمد بن منيع المذكورة، قال سعيد بن جبير: ولا نعلم هذا إلا لهذه المرأة وحدها. ووقع عند أبي داود من حديث يوسف بن عبد اللَّه بن سلام، عن أم معقل في آخر حديثها: "قال: فكانت تقول: الحجّ حجة، والعمرة عمرة، وقد قال هذا رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - لي، فما أدري ألي خاصة". تعني أو للناس عامة انتهى.

والظاهر حمله على العموم كما تقدّم، والسبب في التوفيق استشكال ظاهره، وقد