للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قمر بعد ذلك. وقيل: الهلال هو الشهر بعينه (١) (وَأنَا بِالشَّامِ) جملة حالية، يعني أنه رؤي هلال رمضان، والحال أن كريبًا بالشام، قبل أن يرجع إلى المدينة (فَرَأَيْتُ الْهِلَال) وفي رواية أبي داود، والترمذيّ: "فرأينا الهلال" بنون الجمع (لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، في آخِرِ الشَّهْرِ، فَسَأَلَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَاسٍ) - رضي اللَّه عنهما -. يعني أنه سأله عن أمور تتعلّق به، وبسفره، وعن حال أهل الشام، وغير ذلك، كما هو الشأن والعادة عند قدوم المسافر من سفره (ثُمَّ) انساق الكلام إلى أن (ذَكَرَ الْهِلَالَ، فَقَالَ: مَتَى رَأَيْتُمْ؟ فَقُلْتُ: رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، قَالَ: أَنْتَ رَأَيْتَهُ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، وَرَآهُ النَّاسُ، فَصَامُوا، وَصَامَ مُعَاوِيَةُ، قَالَ: لَكِنْ) بسكون النون، وفي رواية مسلم، وأبي داود: "لكنا" بنون مشددة، لإدغام نون "لكن" في نون ضمير جمع المتكلّم (رَأيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْتِ، فَلَا نَزالُ نَصُومُ، حَتَّى نُكْمِلَ ثَلَاِثينَ يَوْمًا، أَوْ نَرَاهُ، فَقُلْتُ: أَوَ لَا تَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ مُعَاوِيَةَ، وَأَصْحَابِهِ؟ قَالَ: لَا، هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) الظاهر أنه أراد: أمرنا أن لا نعتمد على رؤية غيرنا، ولا نكتفي بها، بل لا نعتمد إلا على رؤية أهل بلدنا، وهذا هو الذي يظهر من ترجمة المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، حيث قال: "اختلاف أهل الآفاق في الرؤية"، وأصرح منه ترجمة الترمذيّ -رحمه اللَّه تعالى-، ونصها: "ما جاء لكلّ أهل بلد رؤيتهم"، ثم أورد حديث الباب، وقال أيضًا: والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم أن لكلّ أهل بلد رؤيتهم انتهى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته:

حديث ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما - هذا أخرجه مسلم.

المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -٧/ ٢١١١ - وفي " الكبرى" ٧/ ٢٤٢١. وأخرجه (م) ١٨١٩ (د) ١٩٨٥ (ت) ٦٢٩. واللَّه تعالى أعلم.

المسألة الثالثة: في اختلاف أهل العلم في حكم اختلاف المطالع:

قال النووي -رحمه اللَّه تعالى- في "شرح مسلم": "باب بيان أن لكلّ بلد رؤيتهم، وأنهم إذا رأوا الهلال ببلد لا يثبت حكمه لما بعد عنهم". فيه حديث كريب، عن ابن عباس - رضي اللَّه عنهما -، وهو ظاهر الدلالة للترجمة، والصحيح عند أصحابنا أن الرؤية لا تعمّ الناس، بل تخصّ بمن قرب على مسافة لا تقصر فيها الصلاة. وقيل: إن اتفق المطالع


(١) -"المصباح".