للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: واختلفوا أيضًا في شهادة خروج رمضان، فقال النووي في "شرح مسلم": لا تجوز شهادة عدل واحد على هلال شوّال عند جميع العلماء، إلا أبا ثور، فجوّز بعدل انتهى. واستدلّوا بحديث ابن عمر، وابن عباس المتقدم، وهو مما لا تقوم به حجة؛ لما تقدّم من ضعف من تفرّد به، وهو حفص بن عمر الأيليّ. وأما حديث عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، وحديث أمير مكة، فهما واردان في شهادة دخول رمضان، أما حديث أمير مكة فظاهر؛ لقوله فيه: "نسكنا بشهادتهما". وأما حديث عبد الرحمن بن زيد ففي بعض ألفاظه: "إلا أن يشهد شاهدا عدل"، وهو مستثنى من قوله: "فأكملوا عدة شعبان"، فالكلام في شهادة دخول رمضان، وأما لفظ أحمد: "فإن شهد مسلمان، فصوموا، وأفطروا"، وكذا لفظ النسائيّ: "فإن شهد شاهدان، فصوموا، وأفطروا"، فمع كون مفهوم الشرط، قد وقع الخلاف في العمل به هو أيضًا معارض بما تقدّم من قبوله - صلى الله عليه وسلم - لخبر الواحد في أول الشهر، وبالقياس عليه في آخره لعدم الفارق، فلا ينتهض مثل هذا المفهوم لإثبات هذا الحكم به، وإذا لم يرد ما يدلّ على اعتبار الاثنين في شهادة الإفطار من الأدلّة الصحيحة، فالظاهر أنه يكفي فيه واحد قياسًا على الاكتفاء به في الصوم.

وأيضاً التعبّد بقبول خبر الواحد يدلّ على قبوله في كلّ موضع إلا ما ورد الدليل بتخصيصه بعدم التعبّد فيه بخبر الواحد؛ كالشهادة على الأموال ونحوها، فالظاهر ما قاله أبو ثور.

ويمكن أن يقال: إن مفهوم حديث عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب قد عورض في أول الشهر بما تقدّم، وأما في آخر الشهر فلا ينتهض ذلك القياس لمعارضته، لا سيّما مع تأيده بحديث ابن عمر وابن عباس المتقدّم، وهو وإن كان ضعيفًا، فذلك غير مانع من صلاحيته للتأييد، فيصلح ذلك المفهوم المعتضد بذلك الحديث لتخصيص ما ورد من التعبّد بأخبار الآحاد، والمقام محلّ نظر.

ومما يؤيّد القول بقبول الواحد مطلقًا أن قبوله في أول رمضان يستلزم الإفطار عند كمال العدّة استنادًا إلى قبوله.

وأجيب عن ذلك بأنه يجوز الإفطار بقول الواحد ضمنا، لا صريحًا. وفيه نظر. انتهى كلام الشوكانيّ -رحمه اللَّه تعالى-.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الذي يترجح عندي قول من قال: يثبت هلال رمضان بشهادة رجل واحد؛ لصحة حديث عكرمة عن ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما -، الذي تقدّم للمصنّف، وحديث ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما - عند أبي داود وغيره، فهذا