للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأنا قائم: أستأنس يا رسول اللَّه، لو رأيتني، وكنا معشر قريش، نغلب النساء، فلما قدمنا المدينة، إذا قوم تغلبهم نساؤهم، فتبسم النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، ثم قلت: يا رسول اللَّه، لو رأيتني، ودخلت على حفصة، فقلت لها: لا يَغُرَّنَّك أن كانت جارتك أوضأ منك، وأحبّ إلى النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، يريد عائشة، فتبسم النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، تبسمة أخرى، فجلست حين رأيته تبسم، فرفعت بصري في بيته، فواللَه ما رأيت في بيته، شيئًا يرد البصر، غير أَهَبَةٍ ثلاثة، فقلت: يا رسول اللَّه، ادع اللَّه، فليوسع على أمتك، فإن فارس والروم، قد وُسًع عليهم، وأعطوا الدنيا، وهم لا يعبدون اللَّه، فجلس النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، وكان متكئا، فقال: "أوفي هذا أنت، يا ابن الخطاب، إن أولئك قوم عجلوا طيباتهم في الحياة الدنيا"، فقلت: يا رسول اللَّه استغفر لي فاعتزل النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -نساءه، من أجل ذلك الحديث، حين أفشته حفصة إلى عائشة، تسعًا وعشرين ليلة، وكان قال: "ما أنا بداخل عليهن شهرا"، من شدة مَوْجِدَته عليهن، حين عاتبه اللَّه، فلما مضت تسع وعشرون ليلة، دخل على عائشة، فبدأ بها، فقالت له عائشة: يا رسول اللَّه، إنك كنت قد أقسمت، أن لا تدخل علينا شهرا، وإنما أصبحت من تسع وعشرين ليلة أَعُدُّها عَدًّا، فقال: "الشهر تسع وعشرون ليلة"، فكان ذلك الشهر تسعا وعشرين ليلة، قالت عائشة: ثم أنزل اللَّه تعالى آية التخير، فبدأ بي أول امرأة من نسائه، فاخترته، ثم خير نساءه كلهن، فقلن: مثل ما قالت عائشة. انتهى.

(وَقَالَ فِيهِ: فَاعْتَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - نِسَاءَهُ، من أَجْلِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ، حِينَ أَفْشَتْهُ حَفْصَةُ إِلَى عَائِشَةَ) قال في "الفتح": كذا في هذه الطريق لم يفسّر الحديث المذكور الذي أفشته حفصة، وفيه أيضًا: "وكان قال: "ما أنا بداخل عليهنّ شهرًا، من شدّة مَوْجِدَته عليهنّ حين عاتبه اللَّه". وهذا أيضًا مبهم، ولم أره مفسّرًا. وكان اعتزاله "في الْمَشْرُبة" كما في حديث ابن عباس عن عمر - رضي اللَّه عنهم -، فأفاد محمد بن الحسن المخزوميّ في كتابه "أخبار المدينة" بسند له مرسل: "أنه - صلى اللَّه عليه وسلم -كان يبيت في المشربة، ويقيل عند أراكة على خلوة بئر كانت هناك". وليس في شيء من الطرق عن الزهريّ بإسناد الباب إلا ما رواه ابن إسحاق كما أشرت إليه في تفسير "سورة التحريم". والمراد بالمعاتبة قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} الآيات [التحريم: ١]، وسيأتي بيان اختلاف العلماء في الذي حرمه النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - على نفسه، وعوتب على تحريمه، وفي سبب حلفه في المسألة الرابعة، إن شاء اللَّه تعالى.

(تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَكَانَ قَالَ: "مَا أَنَا بِدَاخِلٍ عَلَيْهِن شَهْرًا") وفي رواية حماد بن سلمة عند مسلم في طريق عُبيد بن حنين: "وكان آلى منهنّ شهرًا"، أي