المراد مه (سَوَادُ اللَّيْلِ، وَبَيَاضُ النَّهَارِ") وفي رواية البخاريّ من طريق حُصين المذكورة: "عمدتُ إلى عقال أبيض، وإلى عقال أسود، فجلتهما تحت وسادتي، فجلت انظر في الليل، فلا يستبين لي، فغدوت على رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، مذكرت له ذلك، فقال. "إنما ذلك سواد الليل، وبياض اللهار". وللبخاريّ في "التفسير" من طريق أبي عَوَانة، عن حُصين. "إن وسادك إذًا لعريض، إن كان الخيط الأبيض والأسود تحت وسادك" ولأبي عوانة من طريق إبراهيم بن طهمان، عن مطرّف:"فضحك، وقال "لا" يا عريض القفا".
قال الخطابي -رحمه اللَّه تعالى- في "المعالم": في قوله: "إن وسادك لعريض" قولان: "أحدهما": يريد أن نومك لكثير، وكنى بالوساد عن النوم؛ لأذ النائم يتوسّد، أو أراد ليلك لطويل إذا كنت لا تمسك عن الأكل حتى يتبيّن لك العقال.
"والقول الآخر": أنه كنى بالوسادة عن الموضع الذي يضعه من رأسه وعنقه على الوسادة إذا نام، والعرب تقول. فلان عريض القفا إذا كان في غباوة وغفلة. وقد روي في هذا الحديث من طريق أخرى:"إنك عريض القفا"، وجزم الزمخشريّ بالتأويل الثاني، فقال: إنما عرّض النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -قفا عديّ؛ لأنه غفل عن البيان، وعَرْضُ القفا مما يُستدلّ به على قلّة الفطنة، وأنشد في ذلك شعرًا.
وقد أنكر ذلك كثير، منهم القرطبيّ، فقال: حَمَلَه بعضُ الناس على الذمّ له على ذلك الفهم، وكأنه فهم منه أن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -نسبه إلى الجهل، والجفاء وعدم الفقه، وربما عضدوا هذا بما روي أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - قال له:"إنك لعريض القفا"، وليس الأمر كذلك، فإنه حمل اللفظ على حقيقته اللسانية؛ إن هي الأصل، إن لم يتبيّن له دليل التجوّز، ومن تمسّك بهذا الطريق لم يستحقّ ذمًا، ولا يُنسب إلى جهل، وإنما عني بذلك النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - واللَّه أعلم- أن وسادك إن غطّى الخيطين اللذين أراد اللَّه، اللذين هما الليل واللهار، فهو إذًا وسادٌ عريض واسعٌ؛ إذ قد شملهما، وعلاهما، ألا تراه قد قال على إثر ذلك:"إنما هو سواد الليل، وبياض النهار"، فكأنه قال: فكيف يدخلان تحت وسادٍ؟::، وإلى هذا يرجع قوله:"إنك لعريض القفا"؛ لأن هذا الوساد الذي قد غطّى الليل والنهار بعرضه لا يرقد عليه، ولا يتوسّده إلا قفا عريض، حتى يناسب عرضُه عرضَه، وهذا عندي أشبه ما قيل فيه، وأليق، ويدلّ أيضًا عليه ما زاده البخاريّ، قال. "إن وسادك إذاً لعريض، إن كان الخيط الأبيض والأسود تحت وسادك"، وقد أكثر الناس فيه انتهى كلام القرطبيّ (١).
وقد ترجم عليه ابن حبان في "صحيحه": [ذكر البيان بأن العرب تتباين لغاتها في