للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النهي عن صوم يوم الشكّ:

فقال قوم: إنما نهي عن صيامه إذا نوى به أن يكون عن رمضان، فأما من نوى به صوم يوم من شعبان، فهو جائز، هذا قول مالك بن أنس، والأوزاعيّ، وأصحاب الرأي، ورخّص فيه على هذا الوجه أحمد، وإسحاق.

وقالت طائفة: لا يُصام ذلك اليوم عن فرض، ولا تطوّع؛ للنهي فيه، وليقع الفصل بذلك بين شعبان ورمضان، هكذا قال عكرمة. وروينا معناه عن أبي هريرة، وابن عباس - رضي اللَّه عنهم -، وكانت عائشة، وأسماء - رضي اللَّه عنهما - تصومان ذلك اليوم، وكانت عائشة تقول: لأن أصوم يوما من شعبان أحبّ إليّ من أفطر يوما من رمضان. وكان مذهب عبد اللَّه بن عمر ابن الخطاب - رضي اللَّه عنهما - صوم يوم الشكّ، إذا كان من ليله في السماء سحاب، أو قَتَر، فإن كان صحوًا، ولم ير الناس الهلال أفطر مع الناس، وإليه ذهب أحمد بن حنبل. وقال الشافعيّ: إن وافق يوم الشكّ يومًا كان يصومه صامه، وإلا لم يصمه انتهى.

وقال ابن الجوزيّ في "التحقيق": لأحمد في هذه المسألة -وهي ما إذا حال دون مطلع الهلال غير أو قتر ليلة الثلاثين، من شعبان ثلاثة أقوال:

(أحدها): يجب صومه على أنه من رمضان (ثانيها): لا يجوز فرضًا، ولا نفلاً، مطلقاً، بل قضاء، وكفارةٌ، ونذراً، ونفلاً يوافق عادة، وبه قال الشافعيّ. وقال مالك، وأبو حنيفة: لا يجوز عن فرض رمضان، ويجوز عما سوى ذلك (ثالثها): المرجع إلى رأي الإمام في الصوم والفطر، كذا ذكر الحافظ في "الفتح".

وقال صاحب "المرعاة" ج ٦ ص ٤٤٤ - ٤٤٧:

اختلف الأئمة في تعريف يوم الشكّ، وحكم صومه، وفيما إذا صامه بنية رمضان، أو واجب آخر، أو نيّة التطوّع، وتوضيح المقام:

أن السماء إذا كانت مُصحيةً ليلة الثلاثين من شعبان، ولم يُر الهلال، فصبيحة هذه الليلة هي مصداق يوم الشكّ في المشهور عن الإمام أحمد، ولا يجوز صومه.

قال ابن قُدَامة في "المغني" ج ٣ ص ٨٦ - : إن لم يروا الهلال ليلة الثلاثين من شعبان، وكانت السماء مصحية لم يكن لهم صيام ذلك اليوم، إلا أن يوافق صومًا كانوا يصومونه؛ لما رُويَ عن أبي هريرة من النهي عن تقدّم صوم رمضان بيوم، أو يومين. وقال عمار: "من صام اليوم الذي يُشكّ فيه، فقد عصى أبا القاسم - صلى اللَّه عليه وسلم - ". قال ابن قدامة: والنهي عن صوم يوم الشكّ محمول على حال الصحو انتهى.

وقال الحافظ في "الفتح": المشهور عن أحمد أنه خصّ يوم الشكّ بما إذا تقاعد الناس عن رؤية الهلال، أو شهد برؤيته من لا يَقبَل الحاكم شهادته، فأما إذا حال دون