للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الكبرى". وقال العجليّ: ثقة. وذكره ابن حبّان، وابن شاهين في "الثقات".

أخرج له الجماعة، سوى مسلم، وله عند المصنف ثلاثة أحاديث فقط: برقم ٢١٩٢ و ٣٤٢٣ و ٤٩٠٣. والباقون تقدّموا قريبًا. واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عَنِ الزُّهْريّ) محمد بن مسلم، أنه (قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ) - رضي اللَّه تعالى عنها - (زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، أَخْبَرَتهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، كَانَ يُرَغِّبُ النَّاسَ) من "الترغيب" أو الإرغاب، أي يحُثُّهم (فِي قِيَامِ رَمَضَانَ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ، بِعَزِيمَةِ أَمْرِ فِيهِ) بإضافة "عزيمة" إلى "أمر قال الفيّوميّ: عزيمة اللَّه: فريضته التي افترضها، والجمع عزائم انتهى. فالإضافة هنا من إضافة الصفة إلى الموصوف، أي بأمر معزوم، أي مفروض، يعني أنّ أمره - صلى اللَّه عليه وسلم - لهم بقيام رمضان ليس أمر إيجاب، وإنما هو أمر ندب، واستحباب.

ولفظ مسلم في حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -: "من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة"، فقال النووي في "شرحه ": معناه: لا يأمرهم أمر إيجاب وتحتيم، بل أمر ندب وترغيب، ثم فسّره بقوله: فيقول: "من قام رمضان … الخ"، وهذه الصيغة تقتضي الترغيب والندب، دون الإيجاب، وأجمعت الأمة على أن قيام رمضان ليس بواجب، بل هو مندوب انتهى كلام النوويّ (١).

(فَيَقُولُ: "منْ قَامَ رَمَضَان") أي قام لياليه مصلّيًا أو تاليًا، أو ذاكرًا، أو داعيًا، أو نحوه، والمراد من قيام ليله ما يحصل به مطلق القيام، وذكر النوويّ أن المراد بقيام رمضان صلاة التراويح، يعني أنه يحصل بها المطلوب من القيام، لا أن قيام رمضان لا يكون إلا بها. وأغرب الكرمانيّ، فقال: اتفقوا على أن المراد بقيام رمضان صلاة التروايح. قاله في "الفتح".

وقال الحافظ وليّ الدين -رحمه اللَّه تعالى-: ليس المراد بقيام رمضان قيام جميع ليله، بل يحصل ذلك بقيام يسير من الليل؛ كما في مطلق التهجّد، وبصلاة التراويح وراء الإمام كالمعتاد في ذلك، وبصلاة العشاء والصبح في جماعة؛ لحديث عثمان بن عفّان - رضي اللَّه عنه -، قال: قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -:"من صلى العشاء في جماعة؛ فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة، فكأنما صلى الليل كله". رواه مسلم في "صحيحه" بهذا اللفظ، وأبو داود بلفظ: "من صلى العشاء في جماعة كان كقيام نصف ليلة، ومن


(١) - "شرح مسلم" ج ٨ ص ٢٨٣.