للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صلى العشاء والفجر في جماعة كان كقيام ليلة وكذا لفظ الترمذيّ: "ومن صلّى العشاء والفجر في جماعة". ورواية مسلم في ذلك محمولة على روايتهما، فمعنى قوله: "ومن صلى الصبح في جماعة"، أي مع كونه كان صلى العشاء في جماعة، وكذلك جميع ما ذكرناه يأتي في تحصيل قيام ليلة القدر.

وقد روى الطبرانيّ في "معجمه الكبير" عن أبي أمامة - رضي اللَّه عنه - قال: قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "من صلى العشاء في جماعة، فقد أخذ بحظّه من ليلة القدر". لكن في إسناده مسلمة بن عليّ، وهو ضعيف. وذكره مالك في "الموطإ" بلاغًا عن سعيد بن المسيّب أنه كان يقول: من شهد العشاء من ليلة القدر، فقد أخذ بحظّه منها. وقال ابن عبد البرّ: مثل هذا لا يكون رأيًا، ولا يؤخذ إلا توقيفًا، ومراسيل سعيد أصحّ المراسيل انتهى.

وقال الشافعيّ -رحمه اللَّه تعالى- في كتابه القديم: من شهد العشاء والصبح ليلة القدر، فقد أخذ بحظّه منها، ولا يعرف له في الجديد ما يُخالفه. وقد ذكر النوويّ في "شرح المهذّب" أن ما نصّ عليه في القديم، ولم يتعرّض له في الجديد بموافقة، ولا بمخالفة، فهو مذهبه بلا خلاف، وإنما رجع من القديم عن قديم نصّ في الجديد على خلافه.

وروى الطبرانيّ في "معجمة الأوسط" بإسناد فيه ضعف، عن ابن عمر - رضي اللَّه عنهما - قال: قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "من صلّى العشاء في جماعة، وصلّى أربع ركعات قبل أن يخرج من المسجد كان كعدل ليلة القدر". وهذا أبلغ من الحديث الذي قبله؛ لأن مقتضاه تحصيل فضيلة ليلة القدر، وإن لم يكن ذلك في ليلة القدر، فما الظنّ بما إذا كان ذلك فيها. انتهى كلام وليّ الدين.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: لكن حديث ابن عمر المذكور ضعيف لا يستفاد منه حكم شرعيّ، فتنبّه. واللَّه تعالى أعلم.

(إِيمَانًا) أي تصديقًا بأنه حقّ وطاعة، وَعَدَ اللَّهُ تعالى الثواب العظيم عليها (وَاحْتِسَابًا) أي طلبًا لمرضاة اللَّه تعالى، وثوابه، لا بقصد رؤية الناس، ولا غير ذلك مما يخالف الإخلاص.

قال الحافظ وليّ الدين -رحمه اللَّه تعالى-: والاحتساب من الْحَسْبِ، وهو العَدّ، كالاعتداد من العدّ، وإنما قيل لمن ينوي بعمله وجه اللَّه تعالى: احتسبه لأن له حينئذ أن يعتدّ عمله، فجُعِلَ في حال مباشرة الفعل كأنه معتدّ به انتهى.

(غُفِرَ لَهُ) بالبناء للمفعول، ونائب فاعله قوله (مَا تَقَدَّمَ) وقوله (من ذَنْبِهِ) بيان لـ"ما"، وهو اسم جنس مضاف، فيتناول جميع الذنوب، إلا أنه مخصوص عند الجمهور بالصغائر، كما سيأتي بيان ختلاف العلماء فيه في المسألة الثالثة، ويأتي أيضًا بيان زيادة