المسجد، فسأل رجل مكحولاً مسألة، فقال مكحول: سلوا شيخنا، وسيّدنا رجاء بن حيوة. وقال ضمرة، عن ابن شوذب، عن مطر الورّاق: ما لقيت شاميّا أفضل -وفي رواية: أفقه- من رجاء بن حيوة، إلا أنه إذا حرّكته وجدته شاميّا. وقال الأصمعيّ، عن ابن عون: رأيت ثلاثة ما رأيت مثلهم: ابن سيرين بالعراق، والقاسم بن محمد بالحجاز، ورجاء بالشام. وقال ابن حبّان في "الثقات": كان من عبّاد أهل الشام، وفقهائهم، وزهّادهم. قال خليفة بن خيّاط، وسليمان بن عبد الرحمن، وغير واحد: مات سنة (١١٢). علق عنه البخاريّ، وروى له الباقون، وله عند المصنّف هذا الحديث فقط، كرره أربع مرّات برقم ٢٢٢٠ و ٢٢٢١ و٢٢٢٢ و٢٢٢٣.
٦ - (أبو أمامة) صُديّ بن عَجْلان الباهليّ الصحابيّ المشهور، سكن الشام، ومات بها سنة (٨٦) وتقدّم في ١٠٨/ ١٤٧. واللَّه تعالى أعلم.
لطائف هذا الإسناد:
(منها): أنه من سداسيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح. (ومنها): أنه مسلسل بالبصريين إلى محمد بن عبد اللَّه، والباقيان شاميّان. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنْ أَبِي أُمَامَةَ) الباهليّ - رضي اللَّه تعالى عنه -، أنه (قَالَ: أَتَيتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) قد روى الإمام ابن حبّان -رحمه اللَّه تعالى- هذا الحديث مطوّلاً، فقال في "صحيحه" رقم ٣٤٢٥:
أخبرنا عمران بن موسى، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا مهدي بن ميمون، عن محمد بن أبي يعقوب، عن رجاء بن حيوة، عن أبي أمامة، قال: أنشأ رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -جيشًا، فأتيته، فقلت: يا رسول اللَّه، ادع اللَّه لي بالشهادة، قال:"اللَّهمّ سلّمهم، وغنّمهم"، فغزونا، فسَلِمنا، وغَنِمنا، حتى ذكر ذلك ثلاث مرّات، قال: ثم أتيته، فقلت: يا رسول اللَّه، إني أتيتك تترى ثلاث مرّات، أسألك أن تدعو لي بالشهادة، فقلتَ:"اللَّهم سلّمهم، وغنّمهم"، فسلمنا، وغنمنا، يا رسول اللَّه، فمرني بعمل أدخل به الجنّة، فقال:"عليك بالصوم، فإنه لا مثل له"، قال: فكان أبو أمامة لا يُرى في بيته الدخان نهارًا، إلا إذا نزل بهم ضيف، فإذا رأوا الدخان نهارًا عرفوا أنه قد اعتراهم ضيف. انتهى (١).